وأخذ منه المفتاح، فلما رجع إلى بيته لم يجد الوديعة؛ قال: لا ضمان عليه، قيل له: بدفع المفتاح إلى الأجنبي لا يصير عاطياً البيت بما فيه في يده. قال: لا.

وسئل أبو جعفر عرفاً في حانوته وديعة رجل أخذ سلطاني الوديعة من حانوته لنائبه ورهنه عند رجل؛ قال: إن كان المرتهن طائعاً في الارتهان فلصاحب الوديعة أن يضمن السلطاني إن شاء، وإن شاء ضمن المرتهن، ولا ضمان على الجابي إن كان لا يقدر على تمنيع السلطاني، وينبني على هذا الجابي الذي يقال بالفارسية: «باي كار» إذا أخذ شيئاً من بيت إنسان رهناً، وهو طائع يضمن، وكذا إذا أخذ الجباية دراهم وهو طائع يضمن، وكذا الصراف إذا كان طائعاً في أخذ الدراهم يضمن، ويصير الجابي والصراف مجروحين في الشهادة.s

وسئل نجم الدين: عمن عنده وديعة إنسان، وهي ثياب ملفوفة في لفاف، فوضعها تحت رأس ضيف له بالليل كالوسادة، ثم رمى على صاحبها كان كذا وكذا ثوباً، وقد ذهب بعضها؛ قال: ما لم يثبت أنها كانت كذا وكذا، وقد ضاعت منها كذا تلك الليلة، فوضعها تحت رأس الضيف لا يمكن إيجاب الضمان، وبعدما ثبت ذلك لا يمكن إيجاب الضمان بمجرد الوضع تحت رأس الضيف ما دام المودع حاضراً؛ لأنه إذا كان حاضراً، فهو حافظ لها، وليس بمضيع، فإذا غاب الآن يصير ضامناً؛ لأنه ترك حفظها.

وفي «فتاوى أبي الليث» : رجل أودع رجلاً زنبيلاً فيه آلات النجارين، ثم جاء واسترده، وادعى أنه كان فيه قدوماً قد ذهب منه، فقال المودع: قبضت منك الزنبيل، ولا أدري ما فيه، فلا ضمان على المودع، ولا يمين عليه أيضاً؛ لأنه لا يدعي عليه صنعاً

وكذلك إذا كان أودع عند رجل دراهم في كيس، ولم يزن على المودع، ثم ادعى أنه أكثر من ذلك، وقال المودع: قد قبضت الكيس، ولا أدري كم كان فيه فلا ضمان عليه، ولا يمين لما قلنا، قيل: وينبغي أن يحلف، فإن محمداً رحمه الله يقول: القول قول الغاصب، والمودع في المقدار مع يمينه.

إذا كانت المرأة تغسل ثياب الناس، فغسلت ثوباً لرجل، وعلقته على حصن سطحها، للتجفيف، فطار الثوب من الجانب الآخر، قيل: هي ضامنة، وقيل على قياس مسألة الطاحونة إذا لم يكن الحصن مرتفعاً تضمن.

في «المنتقى» بشر عن أبي يوسف: إذا جحد الوديعة في وجه عدو يخاف عليها التلف؛ إن أقر ثم هلكت لا يضمنها؛ قال: لأن الجحود في هذه الصورة جهة من جهات الحفظ كذا وقع في بعض نسخ «الكتاب» ، ووقع في بعضها، إذا جحد الوديعة ثم أقر بها، ثم هلكت لم يضمنها.

وفي هذا الكتاب أيضاً رواية الحسن بن زياد عن أبي يوسف: إذا جحد الوديعة في وجه صاحبها يضمن، وإن جحدها لا في وجهه لا يضمن.

وفي «النوادر» عن محمد: أنه لا ضمان إذا لم يواجه صاحبها بالجحود، وذكر شمس الأئمة السرخسي في شرح كتاب الوديعة: إذا جحد الوديعة في وجه المالك لا بناء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015