وجمرةُ فهم لفحت وجوه الأيام، وغمرة علم سالت بأعلام الأنام، وهو من قرطبة. وقد ذكره ابن حيان في كتابه قال نُعي إلينا في سنة سبع وثلاثين وأربعمئة، هلك بالجزيرة الخضراء في كنف الأمير محمد بن القاسم. وكان من أوسع الناس علماً بعلوم الجاهلية والإسلام، بصيراً بالآثار العلويّة، حاذقاً بالطب والفلسفة والآداب والعلوم الإسلامية، فمن شعره كامل
راحتْ تُذكِّر بالنسيم الرَّاحا ... وطفاءُ تكسُرُ للجنوح جَناحَا
أخفى مسالِكَها الظلامُ فأوقدْتمن بَرْقها كي تهتدي مصباحا
وكأنَّ صوتَ الرَّعد خلف سحابها ... حادٍ إذا ونتِ السحائبُ صاحَا
جادَتْ على التَّلَعاتِ فاكتَست الربى ... حُلَلاً أقامَ لها الربيعُ وِشاحَا
روض يحاكي الفاطميَّ شمائلاً ... طِيباً؛ ومزنٌ قد حكاهُ سَماحَا
وله أيضاً: طويل:
سقى القطرُ ما بين العقيق وضارجٍ ... معارفَ فيها للأحبَّةِ عِرفانُ
وحيَّا الحيَا عهداً عهِدناْ باللِّوى ... لوَى ديننا فيه صدودٌ وهِجران
لياليَ روضُ الوصْل فيهنَّ مْمرعٌ ... وغصْنُ الصِّبا إذ ذاكَ أخضرُ فينان
تُديرُ علينا الرَّاحَ فيها جآذِرٌ ... ويُسكِرُنا باللحظِ مِنهُنَّ غِزلان
ولم أرَ مثلي كيف صار بقلبهِ ... من الوجدِ نيران وفي الجَفن طوفان
ولا مثل هذا العَدْل كيف أعادَهُ ... عَليُّ، وقد مرّتْ من الظلم أزمان