محبَّة قينة، فأنفق عليها ماله، واتفق أن قدم المكتفي من الرَّقَّة إلى بغداد في الوقت الذي وَليَ الخلافة. قال الأوارجي الكاتب: وجلستُ في ذلك اليوم أنا وابن السرَّاج وأبو القاسم عبد الله بن حمدان الوصليُّ الفقيه في رَوْشن نتفرّج لما وافى المكتفي في الماء نظرنا واستحسنّاه. وكانت هذه القينة قد جفتْ ابن السراج لمّا قلّ - ماله، فقال في ذلك الوقت: قد حضرني شيء، فاكتبوه عني، فكتبته وهو قوله: كامل: قايست بين جمالِها وَفعالِها فإذا المَلاحةُ بالخيانةِ لا تَفي
حلفتْ لنا ألاّ تخونَ عهودنا ... فكأنّما حلفتْ لنا ألاّ تَفي
والله لا كلَّمتُها ولو أنَّها ... كالشمسِ أو كالبدرِ أو كالمكتفي
ومرَّ على هذا زمان، وكان زنجي الكاتب يهوى قينة، ويدعوها في أيام الجُمَع، ويحدِّث بأمرها وأمره معها أبا العباس أحمد بن محمد بن الفرات. قال الأوارجي: فحدثني زنجي أنّه غدا يوم سبت على أبي العباس، فسأله عن القينة في أمسه وما غنَّته؛ فقال: كان صوتي عليها:
" قايَسْتُ بين جمالها ... " " البيتين "
قال: وسألني أبو العباس عنهما ولمن هما؟ فقلت: ما لعبد الله بن المعتز!