وبسط القول هناك، وكان الحكم المستنصر، بن عبد الرحمن الناصر الأموي المستولي على الأندلس، ومقيم سوق العلوم بها مدة، استحضر محمد بن الحسن الزبيدي - رحمه الله - إلى دار ملكه، قرطبة، للاستفادة منه، فأقام بقرطبة مدة واشتاق أهله بإشبيلية، فاستأذن الحكم في العود؛ فلم يأذن له اغتباطاً به. فكتب إلى جارية له تُدعى سلمى بإشبيلية: منسرح:

ويحك يا سلْمَ لا تراعي ... لا بُدَّ للبيْن من زماع!

لا تحسبيني صبرت إلا ... كصبر ميْت على النزاع

ما خلق الله من عذاب ... أشد من وقفة الوداع

ما بيننا والحُمام فرقٌ ... لولا المناحات والنواعي

إن يفترق شملنا وشيكاً ... من بعد ما كان ذا اجتماع

فكلُّ شمل إلى افتراق ... وكل شعب إلى انصداع

وكل قرب إلى بعاد ... وكلُّ وصل إلى انقطاع

توفى أبو بكر الزُّبيدي بالأندلس قريباً من سنة ثمانين وثلاثمائة. رحمه الله وله من التصانيف كتاب " مختصر العين " وكتاب " الانتصار " على من آخذ عليه في " مختصر العين "، وكتاب في " أبنية سيبويه " وشرحها والزيادة فيها، وكتاب " لحن العامَّة "، وكتاب " الو اضح " في النحو، وكتاب " أخبار النحاة ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015