المحلي بالاثار (صفحة 4426)

وَأَمَّا قَوْلُنَا - فَإِنْ تَعَاسَرَتْ هِيَ وَأَبُو الرَّضِيعِ: أُمِرَ الْوَالِدُ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ امْرَأَةً أُخْرَى وَلَا بُدَّ، فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] وَالْخِطَابُ لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ. وَأَمَّا قَوْلُنَا - إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَ ثَدْيِهَا فَتُجْبَرُ حِينَئِذٍ عَلَى إرْضَاعِهِ - أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ - أَحَبَّ زَوْجُهَا أَمْ كَرِهَ أَحَبَّ أَبُوهُ أَمْ كَرِهَ، فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 140] . وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] . وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] وَهَذِهِ هِيَ الْمُضَارَّةُ حَقًّا.

وَصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ لَا يَرْحَمُهُ اللَّهُ» . رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مُتَوَاتِرَةٍ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ -: مِنْهَا - مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا قَوْلنَا - فَإِنْ مَاتَ أَبُو الرَّضِيعِ، أَوْ أَفْلَسَ، أَوْ غَابَ بِحَيْثُ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ: أُجْبِرَتْ الْأُمُّ أَيْضًا عَلَى إرْضَاعِهِ إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ ثَدْيَهَا، أَوْ لَا يَكُونَ لَهَا لَبَنٌ، أَوْ كَانَ لَبَنُهَا مِمَّا يُضِرُّ بِهِ فَإِنَّهُ يُسْتَرْضَعُ لَهُ غَيْرُهَا فَلِمَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا مُتَّصِلًا بِهِ نَصًّا، وَيُتْبَعُ الْأَبُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ حَيًّا وَلَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا - فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً لَكِنْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ مُنْفَسِخَةَ النِّكَاحِ مِنْهُ أَوْ مِنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ بِجَهْلٍ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أُعْتِقَتْ فَاتَّفَقَ أَبُوهُ وَهِيَ عَلَى اسْتِرْضَاعِهِ وَقَبِلَ غَيْرَ ثَدْيِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ - فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 233] وَهَذَا خِطَابٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ الْأَوْلَادُ لَهُمْ، وَهُمْ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ، بِلَا شَكٍّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015