مِنْ الَّذِي طَلَّقَهَا إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ فَإِنْ شَاءَتْ هِيَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهَا أَحَبَّ ذَلِكَ الَّذِي طَلَّقَهَا أَوْ أَبَى أَحَبَّ ذَلِكَ زَوْجٌ إنْ كَانَ لَهَا أَوْ أَبَى فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي " سُورَةِ الطَّلَاقِ " بَعْدَ ذِكْرِ الْمُعْتَدَّاتِ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى ذَاتَ زَوْجٍ مِنْ غَيْرِهَا وَلَا جَعَلَ فِي ذَلِكَ خِيَارًا لِلْأَبِ وَلَا لِلزَّوْجِ بَلْ جَعَلَ الْإِرْضَاعَ إلَى الْأُمَّهَاتِ وَفِي هَذَا خِلَافٌ قَدِيمٌ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَهَا وَلَدٌ تُرْضِعُهُ فَأَبَى الزَّوْجُ أَنْ تُرْضِعَهُ؟ فَقَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ أَنْ لَا تُرْضِعَهُ؟
قُلْنَا: حَكَمَ حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ، وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمَنْ احْتَجَّ هَاهُنَا بِهَذَا، فَنَحْنُ نَذْكُرُ لَهُ -: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ الْقَاضِي أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فِي رَضَاعِ صَبِيٍّ؟ فَقَضَاهُ فِي مَالِ الْغُلَامِ، وَقَالَ لِوَلِيِّهِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَأَلْزَمْتُك، أَلَا تَقْرَأُ {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] .
وَمَا نَاهٍ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ أَنَا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ حَمَوَيْهِ. أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ أَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَنَا رَوْحٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَضَى بِنَفَقَةِ الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ، وَقَالَ لِوَارِثِهِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَقَضَيْت بِالنَّفَقَةِ عَلَيْك، أَلَا تَقْرَأُ: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] فَقَدْ قَلَّدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ فِي قَوْلٍ أَخْطَأَ فِيهِ لَا بُرْهَانَ لَهُ عَلَى صِحَّتِهِ، فَلْيَتْبَعْهُ فِيمَا أَصَابَ فِيهِ، وَوَافَقَ الْقُرْآنَ - وَهُمْ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ.
فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا تَزَوَّجَهَا لِلْوَطْءِ؟
قُلْنَا: نَعَمْ، فَكَانَ مَاذَا؟ وَإِنَّمَا وَلَدَتْهُ لِتُرْضِعَهُ، فَحَقُّ الصَّبِيِّ قَبْلَ حَقِّ الَّذِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْهُ، وَلَا يَمْنَعُهُ إرْضَاعُهَا وَلَدَهَا مِنْ وَطْئِهِ لَهَا.