ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَمُمْكِنٌ أَنْ يُكَرِّرَ فُتْيَاهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَاهُنَا كَذَلِكَ، فَمَرَّةً قَدَّمَ الْوَلَدَ، وَمَرَّةً قَدَّمَ الزَّوْجَةَ، فَصَارَ سَوَاءً مَعَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِهِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ إذْ سَأَلَتْهُ إبَاحَةً مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ زَوْجِهَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» فَقَرَنَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلَدِ سَوَاءً.
ثُمَّ وَجَدْنَا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ نا يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ نا أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ قَالَ: «دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ» .
وَهَذِهِ أَخْبَارٌ صِحَاحٌ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ، فَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - آمِرًا بِأَنْ يَبْدَأَ بِمَنْ يَعُولُ، وَهُمْ: الْأَبَوَانِ، وَالْإِخْوَةُ، فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ هَؤُلَاءِ مُبْدُونَ مَعَ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ أَنَّ كُلَّ جَدَّةٍ " أُمٌّ " وَكُلَّ جَدٍّ " أَبٌ " وَكُلَّ ابْنِ ابْنَةٍ وَابْنٍ " ابْنٌ " وَابْنَةِ ابْنٍ وَابْنَةٍ " ابْنَةٌ " كُلُّهُمْ ابْنٌ وَابْنَةٌ - فَصَحَّ نَصًّا مَا قُلْنَا.
وَأَنَّ بَعْدَ هَؤُلَاءِ: الْأَدْنَى الْأَدْنَى، وَفِي هَؤُلَاءِ يَدْخُلُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ، مِنْ: عَمٍّ وَعَمَّةٍ، وَخَالٍ وَخَالَةٍ، وَابْنِ أُخْتٍ وَبِنْتِ أُخْتٍ، وَابْنِ أَخٍ وَابْنَةِ أَخٍ: يَقِينًا.
ثُمَّ وَجَدْنَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] .
فَصَحَّ بِهَذَا أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْوَارِثِ مَعَ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمَةِ، وَخَرَجَ مَنْ لَيْسَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ، وَلَا وَارِثًا مِنْ هَذَا الْحُكْمِ، وَمِنْ تَخْصِيصِهِ بِالنَّفَقَةِ - مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ - لِأَنَّهُ كَسَائِرِ مَنْ أَدْلَتْهُ الْوَلَّادَاتُ - وِلَادَةً بَعْدَ وِلَادَةٍ - إلَى آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، لَيْسَتْ وِلَادَةً بِأَوْلَى مِنْ الَّتِي فَوْقَهَا بِأَبٍ، فَلَمْ يَجُزْ إيجَابُ فَرْضِ إخْرَاجِ الْمَالِ عَنْ يَدِ مَالِكِهِ إلَى آخَرَ إلَّا بِنَصٍّ جَلِيٍّ، وَلَا نَصَّ إلَّا فِيمَنْ ذَكَرْنَا.
وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ وِلَادَةً أَكْثَرَ مِمَّنْ ذَكَرْنَا بِغَيْرِ نَصٍّ، فَإِنْ عَمَّ أَوْجَبَ النَّفَقَةَ