وَقَدْ قَضَى بِهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْيَمَنِ، وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعَلِمَهُ، وَمَاتَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؟ فَمَنْ ذَا الَّذِي نَسَخَ ذَلِكَ؟ وَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ إجْمَاعٍ يَخْرُجُ عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَمَا وَجَدْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَا مِنْ التَّابِعِينَ إنْكَارًا لِفِعْلِ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ وَحُكْمِهِ، فَمَنْ أَكْذَبُ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الدَّعَاوَى؟ وَالْعَجَبُ كُلُّهُ فِي مُخَالَفَتِهِمْ حُكْمَ عَلِيٍّ بِعِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ثَابِتٌ صَحِيحٌ وَأَخْذُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا بِرِوَايَةٍ فَاسِدَةٍ لَا تَصِحُّ، نُسِبَتْ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ إلْحَاقِهِ الْوَلَدَ بِأَبَوَيْنِ - وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَالْمَعْقُولُ يُبْطِلُ ذَلِكَ.
وَقَالُوا: إنَّ مَنْ أَخَذَ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ فِي الْقُرْعَةِ قَدْ خَالَفَهُ فِيمَنْ بَدَأَ بِعِتْقِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ فِي وَصِيَّتِهِ، فَكَذَبُوا، مَا خَالَفْنَا خَبَرَ عِمْرَانَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي خَبَرِ عِمْرَانَ: أَنَّهُ بَدَأَ بِالْوَصِيَّةِ بِأَسْمَائِهِمْ اسْمًا اسْمًا، وَإِنَّمَا لَفْظُهُ أَنَّهُ يَقْتَضِي عِتْقَهُ لَهُمْ بِالْوَصِيَّةِ جُمْلَةً وَاحِدَةً؟ فَلَمْ نَتَعَدَّ لَفْظَ الْخَبَرِ إلَى مَا لَيْسَ فِيهِ.
وَقَالُوا: وَجَدْنَا حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ مُضْطَرِبًا فِيهِ، فَمَرَّةً رَوَاهُ أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ، وَمَرَّةً رَوَاهُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَكَانَ مَاذَا؟ وَمَا يَتَعَلَّلُ بِهَذَا إلَّا قَلِيلُ الْحَيَاءِ -: رَوَاهُ أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ - فَلَمْ يَحْتَجَّ بِهِ.
وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ فَأُسْنِدَ وَثَبَتَ، فَأَخَذْنَا بِهِ.
وَأَيُّ نَكِرَةٍ فِي رِوَايَةِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خَبَرًا وَاحِدًا مِنْ عَشْرِ طُرُقٍ، مِنْهَا صَحِيحٌ وَمِنْهَا مَدْخُولٌ، وَكُلُّ خَبَرٍ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُهُ الثِّقَةُ وَغَيْرُ الثِّقَةِ، فَيُؤْخَذُ نَقْلُ الثِّقَةِ وَيُتْرَكُ مَا عَدَاهُ.
وَقَالُوا: وَجَدْنَا مُعْتِقَ عَبِيدِهِ بِالْوَصِيَّةِ قَدْ كَانَ مَالِكًا لِثُلُثِ جَمِيعِهِمْ، وَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْحَقِّ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَقَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ؟