بَاطِلٌ لَا يَحِلُّ، وَأَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، وَشَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ - ثُمَّ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَعْيَانِ الْغَنَمِ إلَّا مَا كَانَ يَأْكُلُ الْمُوصِي مِنْهَا، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا الْكَثِيرَ فِي الْعَامِ وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهَا شَيْئًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا قَلِيلًا - فَهَذَا أَيْضًا أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، وَقَدْ كَانَ لِلْمُوصِي أَنْ يَبِيعَهَا؛ وَيَهَبَهَا، وَيَبِيعَ مِنْهَا، فَهَلَّا جَعَلَ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا، وَأَنْ يَهَبَ كَمَا كَانَ لِلْمُوصِي، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِهْلَاكِ بِالْأَكْلِ وَبَيْنَ الِاسْتِهْلَاكِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَيَكْفِي مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مَلَكَ الْغَنَمَ الَّتِي أَوْصَى لَهُ بِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهِ، أَوْ لَمْ يَمْلِكْهَا، وَلَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ -: فَإِنْ كَانَ مَلَكَهَا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا كُلَّهَا أَوْ مَا شَاءَ مِنْهَا وَأَنْ يَهَبَهَا كَذَلِكَ، وَأَنْ يَأْكُلَهَا كَذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَ لَمْ يَمْلِكْهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا مِنْ أَصْوَافِهَا وَلَا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَوْلَادِهَا؛ لِأَنَّهَا مَالُ غَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
وَلَا شَكَّ - بِنَصِّ الْقُرْآنِ - فِي أَنَّ مَا يُخَلِّفُهُ الْمَيِّتُ مِمَّا لَمْ يُوصَى بِهِ قَطْعًا فَهُوَ مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ، وَإِذْ هُوَ مِلْكُهُمْ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُوصِي حُكْمٌ فِي مَالِ الْوَرَثَةِ -.
وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فِيمَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنَفَقَتِهِ حَتَّى يَمُوتَ: أَنَّهُ يُوقَفُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ نِصْفُ الثُّلُثِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعِيشُ إلَّا يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ، وَقَدْ يَعِيشُ عَشْرَاتِ أَعْوَامٍ - فَهَذَا مَجْهُولٌ، فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يُعْرَفُ بِمَاذَا أَوْصَى لَهُ.
وَرُوِّينَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِيمَنْ أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ عَبْدُهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ؟ فَلَمْ يُوصِ لَهُ بِشَيْءٍ، فَإِنْ أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنَّ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ وَصِيَّةٌ لَهُ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ وَالْوَصِيَّةُ بِالْمُكَاتَبَةِ جُمْلَةً بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ خَارِجٌ بِمَوْتِ