المحلي بالاثار (صفحة 3572)

[مَسْأَلَة الْوَصِيَّة لميت]

مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِمَيِّتٍ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، فَمَنْ أَوْصَى لِحَيٍّ ثُمَّ مَاتَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ.

فَإِنْ أَوْصَى لِحَيٍّ وَلِمَيِّتٍ جَازَ نِصْفُهَا لِلْحَيِّ وَبَطَلَ نِصْفُ الْمَيِّتِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِحَيَّيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا جَازَ لِلْحَيِّ فِي النِّصْفِ وَبَطَلَتْ حِصَّةُ الْمَيِّتِ - وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ عَلِمَ الْمُوصِي بِأَنَّ الَّذِي أَوْصَى لَهُ مَيِّتٌ فَهُوَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي.

قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا تَقْسِيمٌ فَاسِدٌ بِلَا بُرْهَانٍ -: فَإِنْ قِيلَ: إذَا أَوْصَى لَهُ وَهُوَ مَيِّتٌ فَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لِوَرَثَتِهِ؟ قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ، وَلَوْ أَرَادَ الْوَصِيَّةَ لِوَرَثَتِهِ لَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ، فَتَقْوِيلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ حُكْمٌ بِالظَّنِّ، وَالْحُكْمُ بِالظَّنِّ لَا يَحِلُّ.

[مَسْأَلَة الْوَصِيَّة لِلذِّمِّيِّ]

1758 - مَسْأَلَةٌ: وَالْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ جَائِزَةٌ، وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي كُلِّ ذِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» .

[مَسْأَلَة الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا يُنَفَّذُ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِهَا]

1759 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا يُنَفَّذُ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِهَا، أَوْ فِيمَا أَوْصَى بِهِ سَاعَةَ مَوْتِ الْمُوصِي -: مِثْلُ أَنْ يُوصِيَ بِنَفَقَةٍ عَلَى إنْسَانٍ مُدَّةً مُسَمَّاةً، أَوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ بَعْدَ أَنْ يَخْدُمَ فُلَانًا مُدَّةً مُسَمَّاةً قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، أَوْ يَحْمِلُ بُسْتَانَه فِي الْمُسْتَأْنَفِ، أَوْ بَغْلَةَ دَارِهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ: فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ لَا يُنَفَّذُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهَذَا مَكَانٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ -: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ أَوْصَى لِآخَرَ بِغَنَمٍ حَيَاتَهُ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَيَكُونُ لِلْمُوصِي لَهُ مِنْ الْغَنَمِ أَلْبَانُهَا وَأَصْوَافُهَا وَأَوْلَادُهَا مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ فِيهَا وَيَقُومُ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا إلَّا بِقَدْرِ مَا كَانَ رَبُّهَا يَأْكُلُ مِنْ عُرُوضِهَا، وَكَذَلِكَ يُصِيبُ مِنْ أَوْلَادِهَا مَا يُصِيبُ مِنْ أُمَّهَاتِهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا قَوْلٌ ظَاهِرُ الْخَطَأِ، أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنْ جَعَلَ لَهُ أَصْوَافَهَا وَأَلْبَانَهَا وَأَوْلَادَهَا مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُومُ عَلَيْهَا فَهَذِهِ إجَارَةٌ إذًا، وَالْإِجَارَةُ بِمَجْهُولٍ عَلَى مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015