الْمُوصِي إلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ فَوَصِيَّتُهُ بِمُكَاتَبَةِ عَبْدِ الْوَرَثَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَالُ الْوَرَثَةِ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيِّ فِيمَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ وَعَبْدٌ فَأَوْصَى بِأَنْ يَخْدُمَ ذَلِكَ الْعَبْدُ وَاحِدًا مِنْ أَوْلَادِهِ - سَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ - سَنَةً ثُمَّ الْعَبْدُ حُرٌّ: فَإِنَّهُ يَخْدُمُ أَوْلَادَهُ كُلَّهُمْ سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِغَيْرِ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي، فَلَا هُوَ أَنْفَذَ وَصِيَّتَهُ وَلَا هُوَ أَبْطَلَهَا، وَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً، فَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَقَدْ أَبْطَلَ الصَّحِيحَ، وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَقَدْ أَجَازَ الْفَاسِدَ.
فَإِنْ قَالَ: جَمَعَتْ فَسَادًا وَصِحَّةً فَأَجَزْت الصَّحِيحَ وَأَبْطَلْت الْفَاسِدَ؟ قُلْنَا لَهُ: بَلْ أَجَزْت الْفَاسِدَ - وَهُوَ عِتْقُهُ مِلْكَ بَنِيهِ وَعَبْدَهُمْ - وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ بِجَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ - وَقَالَ فِيمَنْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِثُلُثِهِ، وَلِآخَرَ بِالنَّفَقَةِ مَا عَاشَ: أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا بِنِصْفَيْنِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحَالَ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي إلَى غَيْرِ مَا أَوْصَى بِهِ إلَّا بِنَصٍّ، وَلَا نَصَّ بِمَا قَالَ اللَّيْثُ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِيمَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِنَفَقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ، وَلِعَمْرٍو بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ، وَيُضْرَبُ بِمِائَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِائَةٍ، وَيُضْرَبُ بِعَشَرَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِعَشَرَةٍ فَيُعْطَى حِصَّتَهُ، وَيُعْطَى الْبَاقِيَ الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِالْمِائَةِ، فَإِذَا كَانَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي ضَرَبَ الْمُوصَى لَهُ بِعَشَرَةٍ بِعِشْرِينَ، وَضَرَبَ صَاحِبُ الْمِائَةِ بِمِائَةٍ، وَحَسَبَ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ بِعَشَرَةٍ، وَحُسِبَ لَهُ مَا أَخَذَ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كُلَّ شَهْرٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا كَلَامٌ لَا يُعْقَلُ وَلَا يُدْرَى مُنْبَعِثُهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ فُلَانًا سَنَةً ثُمَّ يُعْتَقُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ: فَإِنَّهُ يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ، فَإِذَا مَضَتْ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ هَكَذَا أُعْتِقَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: نَرَى أَنَّهُ فِي قَوْلٍ أَنَّهُ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ.