المحلي بالاثار (صفحة 3506)

تَوْرِيثِ حَوَّاءَ امْرَأَةِ آدَمَ لَوْ كَانَتْ حَيَّةً، وَلَمْ تَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ وَلَا جَدَّةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَيِّتٍ فِي الْعَالَمِ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَهُ أُمٌّ، وَلِأُمِّهِ أُمٌّ، وَلِأُمِّ أُمِّهِ أُمٌّ، هَكَذَا قَطْعًا بِيَقِينٍ إلَى بِنْتِ حَوَّاءَ، فَهِيَ جَدَّةٌ مِنْ قِبَلِ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا بِيَقِينٍ، فَبَطَلَ هَذَا الِاعْتِرَاضُ، وَلَمْ يَبْقَ لِهَذَا الْقَوْلِ مُتَعَلِّقٌ أَصْلًا.

وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ: مِنْ أَنَّ مَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ، فِي أَقْوَالِهِمَا فِي الْفَرَائِضِ مُقَلِّدِينَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَزَيْدٌ يُوَرِّثُ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ فَخَالَفُوهُ بِلَا مَعْنَى، وَلَيْسَ إنْكَارُ سَعْدٍ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ تَوْرِيثَ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ مُوجِبًا أَنَّ سَعْدًا كَانَ يُوَرِّثُ جَدَّتَيْنِ، بَلْ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَا يُوَرِّثُ إلَّا جَدَّةً وَاحِدَةً، فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ بِيَقِينٍ.

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُوَرِّثْ إلَّا ثَلَاثَ جَدَّاتٍ، فَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُتَعَلِّقًا إلَّا خَبَرُ إبْرَاهِيمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْعَمَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ السُّدُسَ، وَهَذَا مُرْسَلٌ، لَيْسَ فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنَعَ مِنْ تَوْرِيثٍ أَكْثَرَ، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ، وَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ حُجَّةٌ أَصْلًا.

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُوَرِّثْ إلَّا أَرْبَعَ جَدَّاتٍ، فَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُتَعَلِّقًا أَصْلًا، فَبَطَلَ لِتَعَرِّيهِ مِنْ الْحُجَّةِ.

وَأَمَّا مَنْ وَرَّثَ كُلَّ جَدَّةٍ إلَّا جَدَّةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أَبُو أُمٍّ، فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ أَصْلًا، إلَّا مَا قَالَ الشَّعْبِيُّ: مِنْ أَنَّ الَّذِي تُدْلِي بِهِ لَا يَرِثُ؟ فَيُقَالُ لَهُمْ: فَكَانَ مَاذَا؟ هَذَا الْمُسْلِمُ يَمُوتُ لَهُ أَبٌ كَافِرٌ، وَجَدٌّ مُسْلِمٌ، أَوْ عَمٌّ مُسْلِمٌ، أَوْ ابْنُ عَمٍّ مُسْلِمٌ، فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ كُلَّ مَنْ ذَكَرْنَا يَرِثُ، وَأَنَّ الَّذِي يُدْلِي بِهِ لَا يَرِثُ. إنَّمَا الْمَوَارِيثُ بِالنُّصُوصِ لَا بِالْقُرْبِ، وَلَا بِالْإِدْلَاءِ، وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ الْمُعْتَقَةُ لَا تَكُونُ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ، وَلَا الْمَجْنُونُ، فَلَا يَنْكِحَانِ، وَعَاصِبُهُمَا يَنْكِحُ مَوْلَاتَهَا، وَعَاصِبُ الْمَجْنُونِ يَنْكِحُ ابْنَتَهُ وَأُخْتَه، وَاَلَّذِي يُدْلِيَانِ بِهِ لَا يَنْكِحُ.

وَلَعَلَّهُمْ أَنْ يَدَّعُوا إجْمَاعًا عَلَى مَا يَقُولُونَ مِنْ مَنْعِ الْجَدَّةِ أُمِّ أَبِي الْأُمِّ الْمِيرَاثَ، فَمَا هَذَا بِبِدْعٍ مِنْ جَسْرَاتِهِمْ، فَقَدْ رَأَيْنَا كَذِبَهُمْ بِقَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ - فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ لِتَعَرِّيهِ مِنْ الْحُجَّةِ.

وَأَمَّا مَنْ وَرَّثَ كُلَّ جَدَّةٍ، فَإِنَّ حُجَّتَهُ مَا صَدَّرْنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّ الْجَدَّةَ أُمٌّ، وَأَحَدُ الْأَبَوَيْنِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَمِيرَاثُ الْأَبَوَيْنِ مُبَيَّنٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْرَمَ الْأَبَوَانِ الْمِيرَاثَ إلَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015