المحلي بالاثار (صفحة 3507)

بِنَصٍّ صَحِيحٍ، أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ، فَصَحَّ الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ بِنَقْلِ كَوَافِّ الْأَعْصَارِ، عَصْرًا بَعْدَ عَصْرٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُوَرِّثْ قَطُّ مِنْ ابْنِ بِنْتٍ بِالْبُنُوَّةِ، وَلَا ابْنِ بِنْتٍ بِالْبُنُوَّةِ، فَسَقَطَ مِيرَاثُ كُلِّ جَدٍّ يَكُونُ الْمَيِّتُ مِنْهُ ابْنَ بِنْتٍ، وَبَقِيَ مِيرَاثُ الْجَدِّ الَّذِي هُوَ أَبٌ وَأَبُو أَبٍ فَقَطْ، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ بِمَنْعِ الْجَدَّةِ مِنْ الْمِيرَاثِ بِذَلِكَ، فَبَقِيَ مِيرَاثُهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَاجِبًا. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَوَجَدْنَا خَبَرَ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدُسَ» مُوَافِقًا لِهَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ عَمَّ، وَلَمْ يَخُصَّ جَدَّةً مِنْ جَدَّةٍ، فَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِالْمُرْسَلِ أَنْ يَقُولَ بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ سَائِرِ الْأَخْبَارِ الْمَذْكُورَةِ.

وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا نَعْتَمِدُ إلَّا عَلَى نَصِّ الْقُرْآنِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَقَطْ، وَبَطَلَتْ سَائِرُ الْأَقْوَالِ بِيَقِينٍ لَا مِرْيَةَ فِيهِ، لِتَعَرِّيهَا مِنْ حُجَّةِ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا تَفَاضُلُ الْجَدَّاتِ فِي الْقُرْبِ فَإِنَّ طَائِفَةً قَالَتْ: لَا نُبَالِي أَيُّ الْجَدَّاتِ أَقْرَبُ، وَلَا أَيَّتُهُنَّ أَبْعَدُ فِي الْمِيرَاثِ سَوَاءٌ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُسَاوِي بَيْنَ الْجَدَّتَيْنِ - كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَقْرَبَ أَوْ لَمْ تَكُنْ أَقْرَبَ - وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: لَا يَحْجُبُ الْجَدَّاتِ إلَّا الْأُمُّ، وَيَرِثْنَ - وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ - إلَّا أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُنَّ أُمَّ الْأُخْرَى فَتَرِثُ الِابْنَةُ دُونَ أُمِّهَا.

وَقَوْلٌ آخَرُ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُوَرِّثُ مَا قَرُبَ مِنْ الْجَدَّاتِ وَمَا بَعُدَ مِنْهُنَّ، جَعَلَ لَهُنَّ السُّدُسَ إذَا كُنَّ مِنْ مَكَانَيْنِ شَتَّى، فَإِذَا كُنَّ مِنْ مَكَان وَاحِدٍ وَرَّثَ الْقُرْبَى.

وَقَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَهُوَ إنْ كَانَتْ إحْدَى الْجَدَّتَيْنِ جَدَّةً مِنْ جِهَتَيْنِ، وَكَانَتْ الْأُخْرَى جَدَّةً مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ: فَلِلَّتِي مِنْ جِهَتَيْنِ ثُلُثَا السُّدُسِ، وَلِلَّتِي مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ثُلُثُ السُّدُسِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015