المحلي بالاثار (صفحة 3287)

ثُمَّ يَنْفُذُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْحُكْمُ بِمَا هَذِهِ صِفَتُهُ، حَاشَا لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ.

بَلْ لَوْ احْتَجَّ عَلَيْهِمْ مُحْتَجٌّ بِهَذَا الْخَبَرِ لَكَانَ أَقْوَى تَشْغِيبًا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ: أَنَّ الْوَاهِبَ إذَا اسْتَرَدَّ مَا وَهَبَ وُقِفَ وَعُرِفَ مَا اسْتَرَدَّ، ثُمَّ لِيُدْفَعْ إلَيْهِ مَا وَهَبَ، فَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَى مَا اسْتَرَدَّ ثُمَّ يَدْفَعُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَا يُتْرَكُ عِنْدَ الْمُسْتَرِدِّ، وَاحْتِمَالٌ بِاحْتِمَالٍ، وَدَعْوَى بِدَعْوَى.

وَالْعَجَبُ مِنْ قِلَّةِ الْحَيَاءِ فِي احْتِجَاجِهِمْ بِهَذَا الْخَبَرِ - وَهُوَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ - كَمَا بَيَّنَّا، وَصَارَتْ رِوَايَةُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ هَاهُنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ حُجَّةً، وَهُمْ يَرُدُّونَ الرِّوَايَةَ الَّتِي لَيْسَتْ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَحْسَنَ مِنْهَا -: كَرِوَايَتِنَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدَ، وَحَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، كِلَاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ أَمْرٌ فِي مَالِهَا إذَا مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا» .

وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُد نَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ نَا مَرْوَانُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ - نَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ نَا الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ نَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَيْنِ السَّادَّةِ لِمَكَانِهَا بِثُلُثِ الدِّيَةِ.»

وَغَيْرُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا لَمْ يَرُدُّوهُ إلَّا بِأَنَّهُ صَحِيفَةٌ، فَأَيُّ دِينٍ يَبْقَى مَعَ هَذَا، أَوْ أَيُّ عَمَلٍ يَرْتَفِعُ مَعَهُ، وَهَذَا هُوَ التَّلْبِيسُ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى جِهَارًا - نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مُتَعَلَّقٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ.

وَأَمَّا مَا تَعَلَّقُوا بِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: فَكُلُّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ إذْ لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015