المحلي بالاثار (صفحة 3288)

ثُمَّ لَوْ كَانَ حُجَّةً فَهُوَ كُلُّهُ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ -: أَوَّلُ ذَلِكَ: حَدِيثُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ صَحِيحٌ عَنْهُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِغَيْرٍ ذِي رَحِمٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا أَوْ لَمْ يَرْضَى مِنْهَا فَلَمْ يَخُصَّ رَحِمًا مَحْرَمَةً مِنْ غَيْرِ مَحْرَمَةٍ - وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ الْحَنَفِيِّينَ - وَلَا خَصَّ مَا وَهَبَهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ كَمَا خَصُّوا، بَلْ قَدْ صَحَّ عَنْهُ: أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ فِيمَا وَهَبَتْ لِزَوْجِهَا، كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - فَقَدْ خَالَفُوا عُمَرَ، وَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ خِلَافُهُ، {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} [هود: 19] .

يَا لِلْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَحِلُّ خِلَافُهُ، فَكَيْفَ اسْتَحَلُّوا خِلَافَهُ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلِمَا يُمَوِّهُونَ بِهِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نا أَبُو جَنَابٍ هُوَ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَيَّةَ - عَنْ أَبِي عَوْنٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ - عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا: تَرْجِعُ فِيمَا أَعْطَتْهُ وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا أَعْطَاهَا.

وَمِنْ طَرِيق ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَنَّ النِّسَاءَ يُعْطِينَ أَزْوَاجَهُنَّ رَغْبَةً وَرَهْبَةً فَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَعْطَتْ زَوْجَهَا شَيْئًا فَأَرَادَتْ أَنْ تَعْتَصِرَهُ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ، وَصَحَّ الْقَضَاءُ بِهَا عَنْ شُرَيْحٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، حَتَّى أَنَّ شُرَيْحًا قَضَى لَهَا بِالرُّجُوعِ فِيمَا وَهَبَتْ. لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَةَ عَنْ غَيْلَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا أَدْرَكْتُ الْقُضَاةُ إلَّا يُقِيلُونَ الْمَرْأَةَ فِيمَا وَهَبَتْ لِزَوْجِهَا، وَلَا يُقِيلُونَ الزَّوْج فِيمَا وَهَبَ لِامْرَأَتِهِ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِعُمَرَ وَصَارَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، وَلَاحَ أَنَّ قَوْلَهُمْ خِلَافُ قَوْلِهِ.

وَأَمَّا خَبَرُ عُثْمَانَ - فَبَيَّنَ فِيهِ أَنَّهُ رَأْيٌ مُحْدَثٌ؛ لِأَنَّ فِي نَصِّهِ " أَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَدَّ الْهِبَةَ عُثْمَانَ " وَمَا كَانَ هَذَا سَبِيلُهُ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015