المحلي بالاثار (صفحة 2771)

وَالْعِتْقِ: فِيمَا أَبْقَى غِنًى وَالْمَنْعُ مِمَّا عَدَا ذَلِكَ - فَوَاجِبٌ إمْضَاءُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ كُلِّ مَنْ فَعَلَهُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَنْدُوبٌ إلَى ذَلِكَ، مُبَاحٌ لَهُ ذَلِكَ، وَوَاجِبٌ رَدُّ كُلِّ بَيْعٍ فِيهِ خَدِيعَةٌ وَغِشٌّ، وَكُلِّ صَدَقَةٍ وَعَطِيَّةٍ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُمَا غِنًى مِنْ كُلِّ مَنْ فَعَلَهُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَنْهِيٌّ عَنْ ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَنْبُتُ اللِّحْيَةُ لِمَنْ هُوَ ضَعِيفُ الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ، وَأَنَّهُ إذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ انْقَضَى يُتْمُهُ - وَهَكَذَا نَقُولُ إذَا عُقِلَ الرُّشْدُ مِنْ الْفَتَى فَقَدْ أَخَذَ لِنَفْسِهِ بِأَصْلَحَ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ، فَإِنَّمَا هُمْ - كَمَا أَوْرَدْنَا - سَبْعَةٌ: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ

وَقَدْ رُوِّينَا أَيْضًا فِي ذَلِكَ كَلَامًا مُوَافِقًا لِقَوْلِنَا نَذْكُرُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ رُوِيَ عَنْهُمْ الْإِشَارَةُ بِالْحَجْرِ وَلَا مَزِيدَ، وَلَا بَيَانَ عَنْهُمْ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ: مَا صِفَةُ ذَلِكَ الْحَجْرِ؟ فَإِنْ كَانَ هُوَ رَدُّ الْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الْغَبْنُ فَهَكَذَا نَقُولُ - وَهَذَا هُوَ قَوْلُنَا لَا قَوْلُ الْمُخَالِفِينَ، وَهُمْ: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ، فِيهِ رَدُّ صَدَقَةٍ، وَلَا عِتْقٍ، وَلَا نِكَاحٍ وَلَا بَيْعٍ، لَا غَبْنَ فِيهِ - وَثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ جَاءَ عَنْهُمْ إنْكَارُ الْحَجْرِ، وَالْقَوْلِ بِهِ، وَهُمْ: عَائِشَةُ، وَابْنُ جَعْفَرٍ، وَالزُّبَيْرُ.

وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَيْسَ عَنْهُ شَيْءٌ يُوَافِقُ الْمُخَالِفِينَ لَنَا، بَلْ إنَّمَا قَالَ فِي الشَّيْخِ الَّذِي يُنْكَرُ عَقْلُهُ أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ - وَهَذَا قَوْلُنَا نَفْسُهُ فِيمَنْ تَغَيَّرَ عَقْلُهُ، فَهُمْ مُخْتَلِفُونَ كَمَا أَوْرَدْنَا، وَلَوْ اتَّفَقُوا فَمَا فِي أَحَدٍ حُجَّةٌ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ؟ وَأَقْرَبُ ذَلِكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَفْسُهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ قَطْعًا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ إبْطَالِ الْعِتْقِ.

وَرَدِّ الصَّدَقَةِ فِي الْمَحْجُورِ - فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مُوَافِقٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ - وَقَدْ خَالَفُوا أَكْثَرَ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَقَدْ اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا، فَمَا الَّذِي جَعَلَ قَوْلَ عَطَاءٍ، وَالْقَاسِمِ، وَرَبِيعَةَ، وَشُرَيْحٍ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015