المحلي بالاثار (صفحة 2769)

يَأْمُرُونَ وَلِيَّ الْيَتِيمِ بِأَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّزْوِيجِ وَيَرُدُّونَ زَوَاجَهُ إنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ حَتَّى يَكُونَ وَلِيُّهُ هُوَ الَّذِي يُزَوِّجُهُ مِمَّنْ أَرَادَ الْوَلِيُّ، لَا مِمَّنْ أَرَادَ الْمُولَى عَلَيْهِ.

فَأَيُّ عَجَبٍ أَعْجَبُ مِنْ احْتِجَاجِ قَوْمٍ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ. فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مُتَعَلَّقٌ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ السُّنَنِ، أَوْ بِرِوَايَةٍ أَصْلًا وَلَاحَ أَنَّ الْقُرْآنَ، وَالسُّنَنَ مُخَالِفَانِ لِأَقْوَالِهِمْ هَهُنَا.

وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَكُلُّهَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا، بَلْ هِيَ عَلَيْهِمْ -: أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُثْمَانَ مِنْ قَوْلِهِ لِعَلِيٍّ: أَلَا تَحْجُرُ عَلَى ابْنِ أَخِيك وَتَأْخُذُ عَلَى يَدِهِ اشْتَرَى سَبَخَةً بِسِتِّينَ أَلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي؟ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ ابْنَ جَعْفَرٍ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَطُّ، فَإِنْ كَانَ الْحَجْرُ وَاجِبًا فَلِمَ تَرَكَهُ عُثْمَانُ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ، حَتَّى يَخْرُجَ ذَلِكَ مَخْرَجَ الرَّأْيِ يَرَاهُ؟ فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَرَ الْحَجْرَ وَاجِبًا وَلَوْ رَآهُ عَلِيٌّ، أَوْ عُثْمَانُ وَاجِبًا، لَمَا حَلَّ لَهُمَا أَنْ لَا يُمْضِيَاهُ - وَهَذَا خَبَرٌ نَاقِصٌ رُوِّينَاهُ بِتَمَامِهِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِعَلِيٍّ: خُذْ عَلَى يَدِ ابْنِ أَخِيك اشْتَرَى سَبَخَةَ آلِ فُلَانٍ بِسِتِّينَ أَلْفًا، مَا أُحِبُّ أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي فَأَقَلَّ، قَالَ: فَجَزَّأَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، وَأَلْقَى فِيهَا الْعُمَّالَ فَأَقْبَلَتْ الْأَرْضُ، فَمَرَّ بِهَا عُثْمَانُ فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي وَلِّنِي جُزْأَيْنِ مِنْهَا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: لَا وَاَللَّهِ حَتَّى تَأْتِيَنِي بِاَلَّذِينَ سَفَّهْتنِي عِنْدَهُمْ فَيَطْلُبُونَ إلَيَّ؟ فَفَعَلَ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَنْقُصُك جُزْأَيْنِ مِنْهَا مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا؟ قَالَ عُثْمَانُ: قَدْ أَخَذْتُهُمَا -.

فَصَحَّ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَانَ مِنْ عُثْمَانَ رَأْيٌ قَدْ رَجَعَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ أَصْلًا مَا بَيْنَ إنْكَارِهِ لِلشِّرَاءِ إلَى أَنْ أَقْبَلَتْ الْأَرْضُ.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ ذَكَرَ لِعُثْمَانَ أَنَّهُ يَحْجُرُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فِي بَيْعٍ ابْتَاعَهُ فَقَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ: أَنَا شَرِيكُهُ فِيهِ، فَرِوَايَةٌ نُنْكِرُهَا جِدًّا، وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ الْبَيْعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ يُوجِبُ الْحَجْرَ عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ لَا يُوجِبُهُ، فَإِنْ كَانَ يُوجِبُ الْحَجْرَ، فَالْحَجْرُ وَاجِبٌ عَلَى الزُّبَيْرِ، كَمَا هُوَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُوجِبُ الْحَجْرَ عَلَى الزُّبَيْرِ فَمَا يُوجِبُهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَنْ يَكُونَ يَتْرُكُ حَقًّا وَاجِبًا مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015