المحلي بالاثار (صفحة 2607)

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ وَجَدَهَا أَوْ بَعْضَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا أَوْ بِاَلَّذِي وَجَدَ مِنْهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَلَمْ يَخُصَّ حَيَاةً مِنْ مَوْتٍ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ قَبَضَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا قَابَلَ مَا بَقِيَ لَهُ فَقَطْ.

وَقَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْحَيَاةِ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا مَنْ ذَهَبَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمْ جَاهَرُوا بِالْبَاطِلِ، وَقَالُوا: إنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَنْ وَجَدَ وَدِيعَتَهُ أَوْ مَا غُصِبَ مِنْهُ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا كَذِبٌ مُجَرَّدٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ النَّصُّ كَمَا أَوْرَدْنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لِصَاحِبِهِ الَّذِي بَاعَهُ.

وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي تَعَمُّدِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا يَشْهَدُ بِرِقَّةِ دَيْنِهِ وَصَفَاقَةِ وَجْهِهِ فَقَالَ: إنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ أَحَقُّ بِسِلْعَتِهِ مِنْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى بِغَيْرِ إذْنِ بَائِعِهِ - وَهُوَ مُفْلِسٌ - فَيَكُونُ الْبَائِعُ أَحَقَّ بِمَا بَاعَ حَتَّى يُنْصَفَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ يُبَاعَ لَهُ دُونَ الْغُرَمَاءِ.

وَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً فِي مَرَضِهِ بِبَيِّنَةٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ مَاتَ فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ الْمُقَرِّ لَهُمْ؟ فَيُقَالُ لَهُ: لَعَلَّهُ أَرَادَ " بَنِي تَمِيمٍ " خَاصَّةً أَوْ " أَهْلَ جُرْجَانَ " خَاصَّةً.

وَمِثْلُ هَذَا مِنْ التَّخْلِيطِ لَا يَأْتِي بِهِ ذُو دِينٍ، وَلَا ذُو عَقْلٍ، وَلَا يَنْسِبُ هَذَا الْهَوَسَ وَهَذَا الْبَاطِلَ الَّذِي أَتَى بِهِ هَذَا الْجَاهِلُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مَنْ خَذَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُ مِنْ لَفْظِ الرَّاوِي؟ فَقُلْنَا: مِنْ اسْتَجَازَ خِلَافَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْجِزْ فِي كُلِّ حَدِيثٍ يَأْتِي أَنْ يَقُولَ: لَعَلَّهُ مِنْ لَفْظِ الرَّاوِي، فَيُبْطِلُ الْإِسْلَامَ بِذَلِكَ.

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] وَبِحُكْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ «لَا يَحِلُّ مَالُ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ» . فَهَذَا الِاحْتِجَاجُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مَا قَضَى بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ الْحَقُّ، وَهُوَ الَّذِي تَطِيبُ بِهِ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ، وَإِنَّمَا الْبَاطِلُ وَالضَّلَالُ قَضَاؤُهُمْ بِمَالِ الْمُسْلِمِ لِلْغَاصِبِ الْفَاسِقِ وَلِلْكَافِرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015