- عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ» فَقَالَ: هَذَا خَبَرٌ رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ مَرْهُونَةً فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ عَلَفُهَا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهَا وَتُرْكَبُ» قَالَ هَذَا الْجَاهِلُ الْمُقَدَّمُ: فَإِذْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِتَحْرِيمِ الرِّبَا وَبِالنَّهْيِ عَنْ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا كَلَامٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالْجُرْأَةِ، أَوَّلُ ذَلِكَ -: إنَّ هَذَا خَبَرٌ لَيْسَ مُسْنَدًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ بِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَيْضًا: فَإِنَّ فِيهِ لَفْظًا مُخْتَلِفًا لَا يُفْهَمُ أَصْلًا، وَهُوَ قَوْلُهُ: «وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ وَعَلَى الَّذِي يَشْرَبُ نَفَقَتُهَا وَتُرْكَبُ» ، وَحَاشَا اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَأْمُورِ بِالْبَيَانِ لَنَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ إنَّمَا هِيَ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الصَّائِغِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَنْ هُشَيْمٍ، فَالتَّخْلِيطُ مِنْ قِبَلِهِ، لَا مِنْ قِبَلِ هُشَيْمٍ فَمَنْ فَوْقَهُ، لِأَنَّ حَدِيثَ هُشَيْمٍ هَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الَّذِي هُوَ أَحْفَظُ النَّاسِ لِحَدِيثِ هُشَيْمٍ وَأَضْبَطُهُمْ لَهُ فَقَالَ: نا هُشَيْمٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ فِيمَا زَعَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الرَّهْنُ يُرْكَبُ وَيُعْلَفُ، وَلَبَنُ الدَّرِّ إذَا كَانَ مَرْهُونًا يُشْرَبُ وَعَلَى الَّذِي يَشْرَبُهُ النَّفَقَةُ وَالْعَلَفُ» .
وَأَمَّا قَوْلُ هَذَا الْجَاهِلِ: فَإِذْ ذَلِكَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْ الرِّبَا وَبِالنَّهْيِ عَنْ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً -: فَقَدْ كَذَبَ، وَأَفِك، وَمَا لِلرِّبَا هَاهُنَا مَدْخَلٌ أَصْلًا
وَلَوْ أَنَّهُمْ اتَّقُوا الرِّبَا لَمَا أَقْدَمُوا عَلَيْهِ جِهَارًا إذْ أَبَاحُوا التَّمْرَتَيْنِ بِالْأَرْبَعِ تَمَرَات، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْبَعُ أَكْبَرَ جِسْمًا، وَأَثْقَلِ وَزْنًا.
وَإِذْ أَبَاحَ بَعْضُهُمْ دِرْهَمًا فِيهِ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ بِدِرْهَمِ فِيهِ دِرْهَمٌ غَيْرُ ثَمَنٍ.
وَإِذْ أَبَاحُوا كُلُّهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ حَاضِرَةٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ غَائِبَةٍ فِي الذِّمَّةِ.
فَهَذَا هُوَ الرِّبَا حَقًّا