المحلي بالاثار (صفحة 2487)

وَأَمَّا خِلَافُ الْمَعْقُولِ -: فَإِنَّنَا نَسْأَلُ مَنْ خَالَفَنَا هَاهُنَا عَنْ الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ أَتُؤَاجَرُ وَيُصْلِحُ مَا هِيَ فِيهَا، أَمْ تُهْمَلُ وَتَضِيعُ وَيَخْرُجُ الْمُسْتَأْجِرُ لَهَا عَنْهَا؟ وَعَنْ الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ، أَتُحْرَثُ وَتُزْرَعُ، أَمْ تُهْمَلُ وَتُضَاعُ؟ وَعَنْ الْحَيَوَانِ الْمَرْهُونِ أَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيُسْتَغَلُّ، أَمْ يَضِيعُ حَتَّى يَهْلَكَ؟ وَعَنْ الْأَشْجَارِ الْمَرْهُونَةِ لِمَنْ تَكُونُ غَلَّتُهَا؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَضِيعُ -: خَالَفُوا الْإِجْمَاعَ، وَقِيلَ لَهُمْ: قَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ» .

وَإِنْ قَالُوا: لَا يَضِيعُ؟ قُلْنَا: فَالْمَنَافِعُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَاللَّبَنِ، وَالْوَلَدِ، وَالصُّوفِ، وَالثَّمَرَةِ لِمَنْ تَكُونُ؟ فَإِنْ قَالُوا: تَكُونُ دَاخِلًا فِي الرَّهْنِ؟ قُلْنَا لَهُمْ: وَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ إدْخَالُ مَالٍ مِنْ مَالِهِ فِي رَهْنٍ لَمْ يَتَعَاقَدَا قَطُّ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِيهِ؟ وَمَنْ أَمَرَ بِهَذَا؟ فَلَا سَمْعَ لَهُ وَلَا طَاعَةَ وَلَا نَعْمَى عَيْنٍ، لِأَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» وَهَذَا تَحْرِيمُ مَالِهِ عَلَيْهِ وَإِبَاحَتُهُ لِغَيْرِهِ - وَهَذَا بَاطِلٌ مُتَيَقَّنٌ.

وَإِنْ قَالُوا: بَلْ هُوَ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَهَذَا قَوْلُنَا - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - وَصَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ قَوْلِهِ مِثْلُ قَوْلِنَا -: وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: صَاحِبُ الرَّهْنِ يَرْكَبُهُ، وَصَاحِبُ الدَّرِّ يَحْلُبُهُ، وَعَلَيْهِمَا النَّفَقَةُ وَأَنَّهُ قَالَ: الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ، وَمَحْلُوبٌ بِعَلَفِهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: فِيمَنْ ارْتَهَنَ شَاةً ذَاتَ لَبَنٍ؟ قَالَ: يَشْرَبُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ لَبَنِهَا بِقَدْرِ ثَمَنِ عَلَفِهَا، فَإِنْ اسْتَفْضَلَ مِنْ اللَّبَنِ بَعْدَ ثَمَنِ الْعَلَفِ فَهُوَ رِبًا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ إبْرَاهِيمَ لَا نَقُولُ بِهَا، وَعُمُومُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ تَفْسِيرِ أَبِي عِمْرَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِرَأْيِهِ.

وَلَا مُخَالِفَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ هَاهُنَا مِنْ الصَّحَابَةِ نَعْلَمُهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: جَمِيعُ مَنَافِعِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ كَمَا كَانَتْ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ بِذَلِكَ - وَبِقَوْلِنَا فِي الرُّكُوبِ، وَالْحَلْبِ، إلَّا أَنَّهُ زَادَ الِاسْتِخْدَامَ وَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015