سهلُها: نقل، وحزنها: جبل، وحُرُّها: وكل، وعبدها: أكل، حشمها: سِبَاع قَاطِعَة، وأتباعها: ضراء طامعةٌ، وأحبارها: رباع ضائعة، درُّهم لعوق، ورائمهم علوق، لَا يُشَاهد مِنْهُم إِلَّا الْخُصُومَة والشَّذى، وَلَا يسمع مِنْهُم إِلَّا تسعير كَذَا بِكَذَا، وَأَشد من ذَلِك مَا يبسونه بَينهم من العقارب، وسيان فِي ذَلِك حَال الأباعد وَحَال الْأَقَارِب، يتطارحون على الدِّرْهَم وَالدِّينَار، وَلَا يتوقون قبح الأحدوثة وَلَا انتشار الْعَار، مَعَ تأثَّفني فِيهَا من نكد المعاش، وَقلة الانتعاش، وَعدم المواسي، وَالصَّبْر من أحوالها على مثل حُدُود المواسي.

وجُدَّ بهَا قَوْمٌ سِوَايَ فصادَفُوا ... بهَا الصُّنْعَ أعْشَى والزَّمان مُغَفَّلا

من ذِي قينة شادية، وطرفة عاديه، وجنة مغلة، وأنجم بالسعود عَلَيْهِ مطلة، يأوى الْقصر المنيع، ويتألم العصب الصَّنِيع، وألاحظ من ذَلِك الْخطب الشنيع، فأُنشِد قَول الأوَّل:

بَكَى الخَزُّ مِنْ رَوْحٍ وأنكَرَ جِلْدَهُ ... وعَجَّتْ عَجيجا مِن جُذامَ المَطارِفُ

وَلست أَقُول شَيْئا من ذَلِك برما بالمقدور، إِنَّمَا هِيَ أنَّة عليل، ونفثةُ مصدور، أَو لَيْسَ من كَانَت هَذِه حَاله، جَدِيرًا أَن تلْحق ذهنه الكهامة، وتُكلِّل نَفسه السَّآمَة، وَلَو تَأَمَّلت مَا كَانَ عَلَيْهِ القدماء، من أهل اللُّغَة والنحو أَصْحَابِي، من الثروة والعزة، وأنواع الْجدّة، لرأيت أخابير، وَإِن ظنَّه أهل بلدنا لنكادتهم كذبا وأساطير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015