غير أَن الَّذِي يقطع اعتذاري، وَإِن جد فِي الجدل تحرزي وحذاري، مَا سقاني بِهِ الْمُوفق مولَايَ، من روى شمائله، وأوردنيه من ورد مناهله وبوأنيه من عرش إكرامه، وأوطأنه من فرش إنعامه، أدام الله سُلْطَانه وعزته، وَلَا سلب ملكه ريعانه وهزته، ذَلِك إِلَى مَا مجدتني بِهِ عقب الْأَيَّام، وحسدني عَلَيْهِ جَمِيع الْأَنَام، حَتَّى جَاشَتْ النُّفُوس غيظا، وفاظت عَن أبدانها لَهُ فيظا، من صُحْبَة الْأَمِير الْجَلِيل، " إقبال الدولة " مولَايَ نثرته، نجيب النجباء، وَخير الْبَنِينَ لأكرم الْآبَاء محيي الْأَدَب ومقيم دولة لِسَان الْعَرَب، فرع من أصل، وَنَوع تشكل من جنس وَفصل، " لَا تُنْبتُ البَقْلَةَ إلاَّ الحَقْلَة "، ذِي الخيم الوساع، وَالْقلب الشجاع، وَالْكَرم الْمشَاع، والذهن الصناع، والرأي القطاع، المتشح بالمجد، وَهُوَ فِي المهد، والمتزر بِالْحَمْد، قبل فِرَاق النهد، فَمَا قَارب فطاما، حَتَّى وضع على كل أنف خطاما، وَلَا شدّ إزرا، حَتَّى أغرق فِي جوده الْيمن ونزارا، بدر طلع، فذلت لَهُ الْكَوَاكِب؛ ووطيء الأَرْض، فاهتزّت لَهُ مِنْهَا المناكب؛ يَقُول فَيسمع، ويمضي فيسرع، وَيضْرب فِي ذَات الْإِلَه فيوجع، فليرغم أنف من رغم، فَمن أشبه أَبَاهُ فَمَا ظلم. زَاد الله عزة علوا، وَملكه نموا، وَلَا أسأرت لَهُ الْأَيَّام عدوا، ونسأله فِي أجل " الْمُوفق " الْملك الْأَجَل، قوام الدُّنْيَا، ونظام السؤدد والعليا.
وَصلى الله على " مُحَمَّد " خَاتم النَّبِيين، وَأَهله الطاهرين، وَأَصْحَابه المنتخبين، وأزواجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، وَسلم تَسْلِيمًا.
تمت الْخطْبَة