التَّجْرِيد من الضَّمِير، فَأَما قَول أبي ذُؤَيْب:
فَكَأَنَّهَا بالجِزْعِ جِزْعِ نُباِيعٍ ... وأُلاتِ ذِي العَرْجاءِ نَهْبٌ مُجْمَعُ
فَإِنَّهُ صرف للضَّرُورَة، وَلم يُمكنهُ نُبايعَ، لِأَن قَوْله: " يِعِنْ " من نُباِيِعٍ: " عِلِنْ " وَهُوَ وتد، والأوتاد لَا تُزاحف إلاَّ بِالْقطعِ، لم يفهم قولي هَذَا إِلَّا أَن يكون نحويا عروضيا. وَكَذَلِكَ إِذا قلت لَهُ فِي بَيت عبد الرَّحْمَن بن حسان:
وكنتَ أذلَّ مِنْ وَتِدٍ بقاعٍ ... يُشَجَّجُ رأسَهُ بالفِهْرِ وَاجِ
إِن تَخْفيف " واجي " بدلي هُنَا، لِأَن الْهمزَة المخففة تَخْفِيفًا قياسيا فِي حكم المحققة، والمحققة لَا يُوصل بهَا، فَكَذَلِك المخففة إِذا كَانَت فِي نِيَّة المحققة، لم يُوصل بهَا، لم يلقن هَذَا عني إِلَّا أَن يكون عَالما بالنحو والقوافي، ومدار كل ذَلِك قِرَاءَة النّصْف الْأَخير من كتاب سِيبَوَيْهٍ، لِأَن كل ذَلِك مَرْدُود إِلَيْهِ، ومعول فِيهِ عَلَيْهِ.
وَأما مَا ضمناه كتَابنَا هَذَا من كتب اللُّغَة: فمصنف أبي عبيد، والإصلاح، والألفاظ، والجمهرة، وتفاسير الْقُرْآن، وشروح الحَدِيث، وَالْكتاب الموسوم بِالْعينِ، مَا صَحَّ لدينا مِنْهُ، وأخذناه بالوثيقة عَنهُ، وَكتب الْأَصْمَعِي، وَالْفراء، وَأبي زيد، وَابْن الْأَعرَابِي، وَأبي عُبَيْدَة، والشيباني، واللحياني، مَا سقط إِلَيْنَا من جَمِيع ذَلِك، وَكتب أبي الْعَبَّاس احْمَد بن يحيى: الْمجَالِس، والفصيح، والنوادر، وكتابا أبي حنيفَة، وَكتب كرَاع، إِلَى غير ذَلِك من المختصرات، كالزبرج، والمكنى، والمُبَنَّى، والمُثَنَّى، والأضداد والمبدل، والمقلوب، وَجَمِيع مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ كتاب سِيبَوَيْهٍ من اللُّغَة المعللة العجيبة، الملخصة الغريبة، المؤثرة لفضلها، والمستراد لمثلهَا، وَهُوَ حلى كتابي هَذَا وزينه، وجماله وعينه، مَعَ مَا أضفته إِلَيْهِ من الْأَبْنِيَة الَّتِي فَاتَت كتاب سِيبَوَيْهٍ معللة، عَرَبِيَّة كَانَت أَو دخيلة.
وَأما مَا نثرت عَلَيْهِ من كتب النَّحْوِيين الْمُتَأَخِّرين، المتضمنة لتعليل اللُّغَة، فَكتب أبي عَليّ الْفَارِسِي: الحلبيَّات، والبغداديات، والأهوازيات، والتذكرة، وَالْحجّة، والأغفال، والإيضاح، وَكتاب الشّعْر. وَكتب أبي الْحسن بن الرماني، كالجامع، والأغراض، وَكتب أبي الْفَتْح عُثْمَان بن جني، كالمغرب، والتمام، وَشَرحه لشعر المتنبي، والخصائص، وسر