اسْتغنى عَن تصغيره بِلَفْظ غَيره، وَهُوَ دَال على التصغير، وتحقير الْأَحَايِين، وتوجيه ذَلِك على أَي وَجه هُوَ، من انه مفارق لطريق التصغير فِي الْمَعْنى.
وَأما مَا أتركه من الْإِشْعَار بالتذكير والتأنيث، فَإِنَّمَا ذَلِك لِأَنِّي قد أفردت لَهُ كتابا لم يوضع فِي مَعْنَاهُ مَا يوازيه، فضلا عَمَّا يُسَاوِيه. وَكَذَلِكَ الْمَمْدُود والمقصور.
وَفِي كتابي هَذَا أَشْيَاء من الِاخْتِصَار، وتقريب التَّأْلِيف، وتهذيب التصنيف، مَا لَو ذكرته كَانَ فِيهِ سفر جَامع، وَلَكِنِّي بِهَذَا الَّذِي أريت مِنْهُ قَانِع.
وَأَنت أَيهَا النّدب الْفَهم، والشهم النهم، إِذا توغلت فِي كتَابنَا هَذَا، بدا لَك من أَنْوَاع الإجادة، مثل مَا ذكرت لَك من التَّمْثِيل أَو ضعفه، وَأي اقل شِفَاء، واكثر عناءً، من إتْيَان أهل اللُّغَة بِالْفِعْلِ الْمَاضِي؛ ثمَّ إتباعهم لَهُ بآتيه ومصدره، وهما مطردان، كَقَوْلِهِم: " لم أفعلَ يُفْعِل إفْعالا "، و" افتعَلَ يَفْتعِل إفْتعِالا "، و" انفَعَل ينْفَعِل انْفعالا "، و" افعلَّ يَفْعَلُّ افْعِلالا "، و" أفعالَّ يَفعالُّ افعِيلالا "، و" افعَوَّلَ يفْعَوِّل افْعِوَّالا "، و" استفْعَل يستَفعِل استِفْعالا "، و" افعَنْلَي يفعَنْلِي افعنلاءً "، وَنَحْو ذَلِك من الشغب الَّذِي لَا أحصى عده، وَلَا أحْصر حَده. وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فِي أَسمَاء الفاعلين مِنْهَا والمفعولين. وَهل أحد قَرَأَ أدنى بَاب من أَبْوَاب الْإِعْرَاب، الَّذِي يلْحق ذَات الْكَلِمَة أَو خَارِجهَا، إِلَّا وَقد علم أَن آتِي افْعَل إِنَّمَا هُوَ يُفْعِل، وَأَن مصدره الإفعال، وَأَن فَاعله مُفْعِل، ومفعولَه مُفْعِل، وَكَذَلِكَ أَخَوَات أفعل الَّتِي ذكرنَا، قد علم أواتيها ومصادرها، وَأَسْمَاء فاعليها ومفعوليها.
وَمن أعجب مَا اخْتصَّ بِهِ هَذَا الْكتاب: تَخْلِيص الْيَاء من الْوَاو، وَتعين مَا انقلبت عَنهُ الْألف المنقلبة، من يَاء أَو وَاو، وتحييز الزَّائِد من الأَصْل، بتخليص الثلاثي والرباعي والخماسي، وَهَذَا فصل لَا يصل إِلَيْهِ إِلَّا من قتل التصاريف علما، وأحاط بعلل مَا يَجعله زَائِدا من حُرُوف الزَّوَائِد حكما، فَإِن المتأمل إِذا تَأمل فِي كتابي مأججا ويأججا ويأجوج وَمَأْجُوج، وَرَأى مَوضِع كل وَاحِد من هَذِه، لم يفرق بَين أَحْكَامهَا إِلَّا أَن يكون مُقيتا على علم التصاريف.
وَلَيْسَت الْإِحَاطَة بِعلم كتَابنَا هَذَا، إِلَّا لمن مهر بصناعة الْإِعْرَاب، وَتقدم فِي علم الْعرُوض والقوافي، فَإِنَّهُ إِذا رأى يبرين فِي بَاب " ب ر ي " لم يعلم لأي معنى جعل بسيط الْكَلِمَة هَذِه الْحُرُوف الثَّلَاثَة، إِلَّا بعد علم بِالْعَرَبِيَّةِ أصيلٍ، وَبَاعَ فِي أَثْنَائِهَا عريض طَوِيل.
وَكَذَلِكَ إِذا رأى قولي: نُبَايِع: مَوضِع، وَهُوَ نُفاعِل من الْمُبَايعَة، سُمِّيت بِهِ الْبقْعَة بعد