الْمِيزَاب لُغَة فِي المئزاب، مَعَ أَن الْعَرَب لم تجمعه إِلَّا على مآزيب، وَلَو كَانَ الْمِيزَاب لُغَة وضعية، أَو تَخْفِيفًا بدلياًّ، لقيل فِي جمعه: ميازيب، أَو موازيب، فَأن لم يَقُولُوا ميازيب، دَلِيل على أَن يَاء ميزاب همزَة.

وَمن أغرب مَا تضمنه هَذَا الْكتاب، أَن يكون الِاسْم يُكَسَّر على بِنَاء من أبنية أدنى الْعدَد أَو أَكْثَره، لَا يتَجَاوَز إِلَى غَيره، فَإِذا جَاءَ مثل هَذَا، قُلْنَا: إِنَّه لَا يُكَسَّر على غير ذَلِك، وَذَلِكَ نَحْو الأفئدة، والأذرع، والأكُفّ والأقدام، والأرجل، فَإِنَّهُ لَا يكسَّر وَاحِد من هَذِه عِنْد سِيبَوَيْهٍ على غير هَذِه الْأَبْنِيَة الدَّالَّة على أدنى الْعدَد، وَإِن عني بِهِ الْكثير.

وَمِمَّا انْفَرد بِهِ كتَابنَا: الْفرق بَين الْقلب وَالْبدل، وَعقد اسْم الْفَاعِل بِالْفِعْلِ إِذا كَانَ جَارِيا عَلَيْهِ، بِالْفَاءِ، وعقده إِذا لم يكُ جَارِيا عَلَيْهِ، بِالْوَاو، وَذَلِكَ لسَبَب دَقِيق فلسفي، لطيف خَفِي نحويّ.

وَمِنْه التَّنْبِيه على شَاذ النَّسَب، وَالْجمع، والتصغير، والمصادر، وَالْأَفْعَال، والإمالة، والأبنية، والتصاريف، والإدغام، وتخليص الْقَضِيَّة من الحشو، حَتَّى لَا سَبِيل إِلَى الزِّيَادَة فِيهَا، وَلَا النُّقصان مِنْهَا الْبَتَّةَ.

وَمن طريف اختصاره، ورائق بديع نظم تِقْصاره أَنِّي إِذا ذكرت " مِفْعَلا "، لم أذكر " مِفْعالا "، لعلمي أَن كل " مِفْعل " مقصورٌ على " مِفْعال "، على مَا ذهب إِلَيْهِ الْخَلِيل، وَلذَلِك صحَّت الْعين من " مِفْعل " إِذا كَانَت واوا أَو يَاء، نَحْو: مِجْوَب ومِخْيَط، لِأَنَّهُمَا فِي نِيَّة مِجْواب ومِخْياط.

وَمِنْه: أَنِّي لَا أذكر " أفْعالَّ " إِذا ذكرت " افْعَلَّ " من الألوان، لِأَن كل " افْعَلَّ " عِنْد سِيبَوَيْهٍ من الألوان، محذوفة من " أفْعالّ " إِيثَار التَّخْفِيف.

وَمِنْه: أَنِّي إِذا ذكرت " فُعَلِلًا " أَو " فَعَلِلًا " لم أذكر " فُعالِلاً " وَلَا " فَعالِلَ " نَحْو: عُلَبِطٍ وجَنَدِلٍ، وَذَلِكَ لِأَن كل " فُعَلِل " مَقْصُور من " فُعالِل "، وكل " فَعَلِل " مَقْصُور من " فَعالل "، لِأَنَّهُ لَيْسَ من كَلَامهم التقاء أَربع متحركات وضعا، إِلَّا بعد توَسط الْحَذف، وَقد أبنت ذَلِك فِي كتابي: " الملخَّص فِي العَرُوض ".

وَمِنْه: أَنِّي لَا أذكر الْجمع المسلَّم إِلَّا أَن يكون تَشْبِيها بالمُكَسَّر فِي كَونه سماعيا، نَحْو:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015