يحركهما، وقال سعيد: أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه ـ فأنزل الله تعالى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ *إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 16 - 17]» (?).
وهذه الحالة الغريبة كانت مثار الاستفسار، ومدعاة لطلب رؤيتها كما حصل من بعض الصحابة رضي الله عنهم، فعن صفوان بن يعلى عن أبيه رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأتاه رجل عليه جبة بها أثر من خلوق، فقال: يا رسول الله. إني أحرمت بعمرة فكيف أفعل؟ فسكت عنه فلم يرجع إليه، وكان عمر رضي الله عنه يستره إذا أنزل عليه الوحي يظله، فقلت لعمر رضي الله عنه: إني أحب إذا أنزل عليه الوحي أن أدخل رأسي معه في الثوب، فلما نزل عليه خَمَّرَهُ عمر رضي الله عنه بالثوب، فجئته، فأدخلت رأسي معه في الثوب، فنظرت إليه، فلما سُرِّيَ عنه قال: أين السائل آنفا عن العمرة؟ فقام إليه الرجل، فقال: انزع عنك جبتك، واغسل أثر الخلوق الذي بك، وافعل في عمرتك ما كنت فاعلاً في حجِّك» (?).
وهذا يدل على أن حالة الوحي هذه قد تكون في غير القرآن، كما هو ظاهر هذا الخبر، والله أعلم.
أما مجيئه إليه بالصورة البشرية فلم يرد فيه الوحي بالقرآن بها سوى خبر الحارث بن هشام رضي الله عنه المجمل، وإنما الوارد في أمور أخرى، كما وقع في تعليم الناس أمور الدين في حديث جبريل عليه السلام الطويل في سؤاله الإسلام والإيمان والإحسان وأشراط الساعة (?)، وكان كثيراً ما يتمثَّل بصورة الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه (?).
وإجابة النبي صلّى الله عليه وسلّم للحارث بن هشام تشير إلى أن مصطلح الوحي