غزوة بدر، فكيف يخفى على عثمان رضي الله عنه ـ وهو من علماء القرآن ـ نزول غيرها قبلها؟!

فإن قيل: لعله يريد: من أول، فتكون الأولية نسبية.

فالجواب: أنه لا يظهر من الخبَر غير الأولية المطلقة، ثمَّ إنها لا تصلح لأن تكون من الأولية النسبية؛ لأنه نزل قبلها عدد من السور والآيات، وقد مضى على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سنة وأكثر قبل غزوة بدر، فهل يُتصوُّر عدم نزول قرآن في هذه الفترة، حتى تأتي غزوة بدر وينْزل عليه من سورة الأنفال ما نزل؟!

3 - أن بعض العلماء المعاصرين قد شدَّد في تضعيف هذا الأثر، وهو الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد (?)، وقد نازعه بعض المعاصرين (?)، وصحح الحديث، فلو كان صحيحاً، فإن في الأثر دلالة على أنه لم يبق لهم من معرفة التوقيف في ترتيب السور سوى الأنفال والتوبة، وليس في هذا حجة لمن ذهب إلى القول بالاجتهاد بسبب هذا الأثر؛ لأن عثمان يقول: «فإذا نزلت عليه السورة يقول: ضعوا هذه في موضع كذا وكذا، وكانت الأنفال أول ما أنزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولاً، وكانت قصتها تشبه قصتها فقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يبين أمرها، فظننت أنها منها» (?)، والله أعلم.

ثانياً: أن قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم البقرة فالنساء فآل عمران، لها وجه آخر غير وجه توقيف الترتيب، وهو أنه دلَّ بعمله هذا على جواز مخالفة الترتيب أثناء القراءة في الصلاة وغيرها، وعلى هذا جرى عمل المسلمين، فتراهم في الكتاتيب يعلمون الأطفال من آخر القرآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015