الأثر؛ لو صحَّ، فإنه لا يعدو أن يكون الكلام فيهما فقط، كما ذكره السيوطي (ت911هـ) عن بعض العلماء في هذه المسألة، قال: «وقال البيهقي في المدخل: كان القرآن على عهد النبي مرتباً سوره وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال وبراءة لحديث عثمان السابق.
ومال ابن عطية إلى أن كثيراً من السور كان قد عُلِمَ ترتيبها في حياته كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وإن ما سوى ذلك يمكن أن يكون قد فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده (?).
وقال أبو جعفر بن الزبير: الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية، ويبقى منها قليل يمكن أن يجري فيه الخلاف (?) ...» (?).
وبهذا النقل يظهر أن أكثر القرآن قد عُلِم ترتيبه عند الصحابة رضي الله عنهم، وأنهم ساروا على هذا الترتيب لما كتبوه في المصحف، فمن باب أولى أن يكون كله مما علموا ما داموا علموا الأكثر، والله أعلم.
وأما ما استدلوا به فيجاب عنه بما يأتي:
أولاً: أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما (ت68هـ) فيه إشكال من جهات، منها:
1 - أنه مما اتُّفق عليه عدم نزول البسملة مع سورة براءة، وقد علل العلماء ذلك بتعليلات غير التعليل الوارد في الأثر، من أحسنها تعليل القشيري: أن جبريل لم ينْزل بها، ثمَّ يُبحث عن سبب عدم نزولها معها، وهو ما ذكروه من تعليلات متعددة؛ كما ذُكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن البسملة أمان وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان (?).
2 - أن سورة الأنفال ليست أول ما نزل في المدينة، فهي نزلت بعد