2 - وثبت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قدم سورة النساء على آل عمران في قراءة الصلاة، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: «أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم في ليلة من رمضان فقام يصلي فلما كبر قال: الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، ثم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران، لا يمر بآية تخويف إلا وقف عندها» الحديث (?).
3 - أن مصاحف الصحابة تخالف مصحف عثمان رضي الله عنه في ترتيب السور، خصوصاً مصحف ابن مسعود رضي الله عنه الذي شهد العرضة الأخيرة.
ويلاحظ أن أصحاب هذا القول لا يخالفون في أنَّ بعض الترتيب الموجود كان بتوقيف من النبي صلّى الله عليه وسلّم بدلالة الأحاديث الدالة على ذلك، لكنهم يرون أنَّ شيئاً منه كان بالاجتهاد، على خلاف في هذا المقدار، فبعضهم يرى أنه مرتب كله إلا الأنفال والتوبة، وبعضهم يستثني المئين، وهذا ما جعل الزركشي (ت794هـ) يذهب إلى إن الخلاف بين الفريقين لفظيٌّ، فقال: «والخلاف يرجع إلى اللفظ؛ لأن القائل بالثاني يقول: إنه رمز إليهم بذلك لعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، ولهذا قال مالك: إنما ألَّفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ مع قوله بأن ترتيب السور باجتهاد منهم، فآل الخلاف إلى أنه هل هو بتوقيف قولي أو بمجرد استناد فعلي، وبحيث بقي لهم فيه مجال للنظر؟» (?).
وإذا كانوا لا يخالفون في أن شيئاً منه كان مرتباً حسب ترتيب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإنه يمكن أن يُستدل باتفاقهم على وجود الترتيب في بعض السور بأنه أصل دالٌّ على ترتيب البقية، وأنه من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأما ما استدلوا به فأقواها دليل حديث ابن عباس في سؤاله عثمان رضي الله عنهم، وهذا