3 - أن تقسيم سور القرآن إلى طوال ومئين ومثاني والمفصل ثابت عند الصحابة بالنقل عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والآثار في ذلك كثيرة، ومنها ما رواه الإمام أحمد بسنده عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أعطيت مكان التوراة السبع وأعطيت مكان الزبور المئين وأعطيت مكان الإنجيل المثاني وفضلت بالمفصل».
فإذا كان هذا التقسيم الجملي موجوداً معروفاً بينهم، منقولاً عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فما المانع من أن يكون ما فيه من السور مرتباً كذلك بفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم.
4 - هناك مجموعة من الأدلة العقلية التي يستدل بها من يذهب إلى التوقيف، منها:
• جَعْلُ الحواميم والطواسين ولاءً بخلاف المسبحات، والمبدوءات بـ (ألم) حيث لم تجعل متتالية.
• عدم ترتيبه على النُّزول، بحيث يقدم المكي على المدني.
أما ما استدل به من ذهب إلى أنَّ الترتيب بالاجتهاد، فما يأتي:
1 - ما رواه يزيد الفارسي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قلت لعثمان رضي الله عنه ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين وإلى الأنفال وهي من المثاني، فقرنتم بينها، ولم تجعلوا بينهما سطراً فيه بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطوال ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان رضي الله عنه: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان مما ينْزل عليه من السور التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآيات يقول: ضعوا هذه الآيات في موضع كذا وكذا، فإذا نزلت عليه السورة يقول ضعوا هذه في موضع كذا وكذا، وكانت الأنفال أول ما أنزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولاً، وكانت قصتها تشبه قصتها فقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يبين أمرها، فظننت أنها منها، من أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أجعل بينهما سطراً فيه بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتها في السبع الطوال» (?).