غيره في الخطاب من جهة اللفظ، وإنما من جهة القياس، فمن وقع له حالٌ مثل حال كعب حلق وفدى.
وليس في مثل هذه الصورة من أسباب النُّزول أكثر من هذا التعميم، والله أعلم.
وأما الأمر الثاني، وهو أن تكون مرتبطة بأمر يشمل صوراً متنوعة، فمثل ما ورد في سبب نزول قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]، فقد ورد فيها أنها نزلت في النفقة، رواه البخاري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، ومراده: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة بترك النفقة في سبيل الله تعالى.
وقد علَّق ابن حجر على هذا الأثر فقال: «... ذكر المصنف حديث حذيفة في هذه الآية؛ قال: «نزلت في النفقة»؛ أي: في ترك النفقة في سبيل الله عزّ وجل، وهذا الذي قاله حذيفة جاء مفسَّراً في حديث أبي أيوب ـ الذي أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم من طريق أسلم بن عمران ـ قال: كنا بالقسطنطينية فخرج صف عظيم من الروم، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، ثم رجع مقبلاً. فصاح الناس: سبحان الله، ألقى بيده إلى التهلكة.
فقال أبو أيوب: أيها الناس، إنكم تؤوِّلون هذه الآية على هذا التأويل، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، إنا لما أعز الله دينه، وكَثُر ناصروه قلنا بيننا سِرّاً: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنا أقمنا فيها، وأصلحنا ما ضاع منها. فأنزل الله هذه الآية، فكانت التهلكة الإقامة التي أردناها (?).
وصحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من التابعين نحو ذلك في تأويل الآية» (?).