المبحث الثالث
صيغ عبارات أسباب النُّزول
الأصل في أسباب النُّزول الصريحة أنها نقلية من جهتين: الصيغة التي يُحكى بها سبب النُّزول، والحدث الذي يُذكر في سبب النُّزول، فكما لا يصح افتعال حدث يقال فيه: إنه سبب نزول، كذلك لا يصلح ذكر صيغة لم ترد في المنقول عن الصحابة أو التابعين وأتباعهم.
وقد وقع عند بعض المعاصرين خطأ في حكاية الصيغة، حيث قال: «تختلف عبارات القوم في التعبير عن سبب النُّزول، فتارة يُصرح بلفظ السبب، فيقال: (سبب نزول الآية كذا)، وهذه العبارة نص في السببية لا تحتمل غيرها» (?).
وهذا الذي قاله لا يكاد يوجد في أثر من آثار أسباب النُّزول المنقولة عن الصحابة والتابعين وأتباعهم، وإنما ذلك توهُّمٌ من قائله، وظنٌّ بوجوده، وليس الأمر كذلك.
وأشهر الصيغ في أسباب النُّزول هي العبارة التي تأتي بعد فاء السببية (فنَزلت، أو فأنزل)، وعبارة (نزلت في كذا، أُنزلت في كذا).
ورود كلمة النُّزول قرينة قوية في إرادة ذكر سبب النُّزول، وليست أصلاً يُحكم به على أن ورودها في الأثر يدل على أنه هو سبب النُّزول المباشر، إذ قد يكون هناك ما يدلُّ على أنه ليس المراد بها سبب النُّزول المباشر.