المبحث الثاني
قصص القرآن وأسباب النُّزول
مما قد يلتبس بسبب النُّزول قصص القرآن، إذ الآيات قد تكون قصة، وقد تكون بسبب قصة حدثت، لكن ليس لكل قصص القرآن سببُ نزولٍ.
ومن أمثلة ما كان قصة في سبب النُّزول حادثة الإفك التي نزل بشأنها قرآن، لكن قصة آدم في سورة البقرة لم يكن لها سبب نزول مباشر كما هو الحال في قصة الإفك، فهي من قصص القرآن وليست من أسباب النُّزول.
وقد ذكر الواحدي (ت468هـ) في كتابه (أسباب النُّزول) في سورة الفيل ما نصُّه: «نزلت في قصة أصحاب الفيل، وقصدهم تخريب الكعبة، وما فعل الله تعالى بهم: من إهلاكهم وصرفهم عن البيت، وهي معروفة» (?).
فاعترض عليه السيوطي (ت911هـ)، فقال: «قلت: والذي يتحرر في سبب النُّزول: أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه؛ ليخرج ما ذكره الواحدي في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة به، فإن ذلك ليس من أسباب النُّزول في شيء، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية؛ كذكر قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك، وكذلك ذِكْرُه في قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125] سببَ اتخاذه خليلا ليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى» (?).