المحبر (صفحة 207)

انتظرتموني به. فبعث إلى أبي حنش فأخبره الخبر وقال هذه ديته. فأبى أبو حنش أن يقبلها. فأضعفها له. فأبى. فقال شرحبيل: فانه قتله ملك فأديه لك دية ملك. فقال أبو حنش: لا آكل له ثمنا أبدا. فقال له شرحبيل: والله ما أتقيك ولا أتقى قومك ولكنى أتقى لسانك.

فقال أبو حنش:

/ أما الهجاء الذي تخاف فلا ... تسمعه سيئا ولا حسنا

اكرم نفسي وأتقيك فإن ... أعلك يوما في نجدة ثخنا

أجزك ما قدمت يداك ولا ... بقيا لمن كان يطلب الدمنا

والجار كالضيف لا محالة أن ... يظعن يوما وإن ثوي زمنا

فوضع عليه شرحبيل العيون وقال: «إن رأيتموه يدبغ الأُسقية فهو يريد قومه» . وعرف ذلك أبو حنش. فظمأ إبله ثلاثة أظماء ظمأ بعد ظمء [1] . ثم أصدرها عند الظمء الآخر وقد تبدي الناس عن المياه.

فمر بأهله فاحتملهم، وقطع مشافر ما أراد منها من جلتها، وفوز نحو قومه. وهو الظمء [1] الذي تسميه العرب «ظمء أبي حنش» . فلما كان يوم الكلاب قتل أبو حنش شرحبيل.

وأما (ثمامة) بن المستنير السلمي ثم الظفري و (معاوية) بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015