الحارث الجشمي، فان ثمامة كان أدهى العرب وأشدها نفسا وأشجعها وكان يغزو على رجليه. ويشترط لمن غزا معه: إني لا أعصيك إذا أمرتني ولا تعصيني إذا أمرتك» . فكان لا يغزو معه أحد فيرجع حتى يقتل فمكث يغزو وحده. ثم إن معاوية بن الحارث الجشمي، أحد بنى جشم ابن معاوية، خرج حتى أتي ثمامة في منزله، فقال: «إني اريد الغزو معك» .
فقال: «أما إنه قدحان غزوي. ولكن الغزو معي شديد. فهل لك فى خير من ذلك؟» قال: «وما هو؟» قال: «اعطيك قطعة من مالى تغنيك وترجع إلى أهلك» . قال: «من هذا فررت ولكني أخرج معك في غزوك» . قال: «إنه من خرج/ معي لم يعصني في شيء آمره به وإن كانت هلكته فيه. ولم أعصه فى شيء وإن كانت هلكتي فيه» . قال: «فذاك لك.» فخرجا على أْرجلهما حتى سلكا في بلاد بجيلة.
فأصبحا ذات يوم في بعض أرضهم، فدخلا في غار ليمسيا وينطلقا.
فبينا هما فى ذلك الغار إذا هما برجل موف على قرن جبل ينادى بغوثه. فقال أحدهما لصاحبه: «أتراه علم بمكاننا؟» وجعل الناس يثوبون إليه حتى كثروا عنده، وهما ينظران ويسمعان. حتى إذا رضي بمن اجتمع إليه قال: «ألا تسمعون؟ إني قد قفوت أثر رجلين جازا الوادي البارحة وقد ظننت أنه أثر ثمامة بن المستنير وصاحب له.