والله قلبي، ثم تناول سيفه ومر نحو الحي فأبطأ هنيهة ثم أقبل إلي وعلى عاتقه ليث كأنه حمار فقلت له: ما هذا؟ قال: صاحبي، قلت: وكيف علمته؟ قال: إني قصدت الموضع الذي أصابها فيه وعلمت أنه سيعود إلى ما فضل منها، فجاء قاصداً إلى ذلك الموضع فعلمت أنه هو فحملت عليه فقلته، ثم قام فحفر في الأرض فأمعن وأخرج ثوباً جديداً، وقال: يا أخا بني عامر إذا أنا مت فأدرجني معها في هذا الثوب، ثم ضعنا في هذه الحفرة وهل التراب واكتب هذين البيتين على قبرنا وعليك السلام:

كنا على ظهرها والعيش في مهل ... والدهر يجمعنا والدار والوطن

فخاننا الدهر في تفريق الفتنا ... واليوم يجمعنا في بطنها الكفن

ثم التفت إلى الأسد وقال:

ألا أيها الليث المدل بنفسه ... هبلت لقد جرت يداك لنا حزنا

وغادرتني فرداً وقد كنت آلفاً ... وصيرت آفاق البلاد لنا سجنا

أأصحب دهراً خانني بفراقها ... معاذ إلهي أن أكون له خذنا

ثم قال: يا أخا بني عامر إذا فرغت من شأننا فصح في إدبار هذه الغنم، فردها إلى صاحبها ثم قام إلى شجرة فاختنق حتى مات، فقمت فأدرجتهما في ذلك الثوب ووضعتهما في تلك الحفرة وكتبت البيتين على قبر هما، ورددت الغنم إلى صاحبها، وسألني القوم فأخبرتهم الخبر، فخرج جماعة منهم فقالوا: والله لننحرن عليه تعظيماً له، فخرجوا وأخرجوا مائة ناقة وتسامع الناس فاجتمعوا إلينا فنحرت ثلاثمائة ناقة ثم انصرفنا.

وقيل لما كان من أمر عبد الرحمن بن الأعث الكندي ما كان، قال الحجاج اطلبوا لي شهاب بن حرقة السعدي في الأسرى أو القتلى فوجدوه في الأسرى فلما أدخل على الحجاج قال له: من أنت؟ قال: أنا شهاب بن حرقة، قال: والله لأقتلنك، قال: ما كان الأمير بالذي يقتلني. قال:

ولم؟ قال: لأن في خصالاً يرغب فيهن الأمير. قال: وما هن؟ قال:

ضروب بالصفيحة، هزوم للكثيرة من الكتيبة، أحمي الجار وأذب عن الذمار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015