لسيد قومه، فما حملك وضعك نفسك في هذا المكان؟ فقال: أنا والله أخبرك، كنت عاشقاً لابنة عمي هذه التي رأيتها وكانت هي أيضاً لي واهقة، فشاع خبرنا في الناس، فأتيت عمي فسألته أن يزوجنيها. فقال: يا بني، والله ما سألت شططا، وما هي بآثر عندي منك، ولكن الناس قد تحدثوا بشيء وعمك يكره المقالة القبيحة، ولكن انظر غيرها في قومك حتى يقوم عمك بالواجب لك، فقلت: لا حاجة لي فيما ذكرت وتحملت عليه بجماعة من قومي فردهم وزوجها رجلاً من ثقيف له رياسة وقدر فحملها إلى ههنا- وأشار إلى خيم كثيرة بالقرب منا- فضاقت علي الدنيا برحبها وخرجت في أثرها فلما رأتني فرحت فرحاً شديداً وقلت لها: لا تخبري أحداً إني منك بسبيل ثم أتيت زوجها وقلت:

أنا رجل من الأزد أصبت دما وأنا خائف، وقد قصدتك لما أعرف من رغبتك في اصطناع المعروف ولي بصر بالغنم إن رأيت أن تعطيني من غنمك شيئاً فأكون من جوارك وكنفك فأفعل. قال: نعم وكرامة، فأعطاني مائة شاة وقال لي: لا تبعد بها من الي، وكانت ابنة عمي تخرج إلي كل ليلة في الوقت الذي رأيت وتنصرف، فلما رأى حسن حال الغنم أعطاني هذه فرضيت من الدنيا بما ترى. قال: فأقمت عنده أياماً، فبينا أنا نائم إذ نبهني وقال: يا أخا بني عامر، قلت له: ما شأنك؟ قال: إن ابنة عمي قد أبطأت ولم تكن هذه عادتها وو الله ما أظن ذلك إلّا لأمر فحدثني فجعلت أحدثه، فأنشأ يقول:

ما بال مية لا تأتي كعادتها ... هل هاجها طرب أو صدها شغل

لكن قلبي لا يعنيه غيركم ... حتى الممات ولا لي غيركم أمل

لو تعلمين الذي بي من فراقكم ... لما اعتذرت ولا طابت لك العلل

نفسي فداؤك قد أحللت بي حرقاً ... تكاد من حرّها الأحشاء تنفصل

لو كان عادية منه على جبل ... لزل وأنهد من أركانه الجبل

فو الله ما اكتحل بغمض حتى انفجر عمود الصبح وقام ومر نحو الحي فأبطأ عني ساعة ثم أقبل ومعه شيء وجعل يبكي عليه، فقلت له: ما هذا؟

قال: هذه ابنة عمي افترسها السبع فأكل بعضها ووضعها بالقرب مني فأوجع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015