قال: ونزل على حاتم ضيف ولم يحضره القرى فنحر ناقة الضيف وعشاه وغداه وقال: إنك قد أقرضتني ناقتك فاحتكم علي. قال: راحلتين.
قال: لك عشرون أرضيت؟ قال: نعم وفوق الرضى. قال: إلى أربعون.
ثم قال لمن بحضرته من قومه: من أتانا بناقة فله ناقتان بعد المائة، فأتوا بأربعين فدفعها إلى الضيف. وحكوا عن حاتم أنه خرج في الشهر الحرام يطلب حاجة فلما كان بأرض عنزة ناداه أسير فيهم. يا أبا سفانة قد أكلني الأسار والقمل. قال: والله ما أنا في بلادي ولا معي شيء وقد أسأت إلى أن نوهت باسمي فذهب إلى العنزيين فساومهم فيه واشتراه منهم وقال: خلوا عنه وأنا أقيم مكانه في قيده حتى أؤدي قراه، ففعلوا فأتاهم بغداء. قيل:
ولما مات حاتم خرج رجل من بني أسد يعرف بأبي الخيبري في نفر من قومه وذلك قبل أن يعلم كثير من العرب بموته فأناخوا بقبره فقال: والله لأحلفن للعرب أنني نزلت بحاتم وسألته القرى فلم يفعل وجعل يضرب القبر برجله ويقول:
عجل أبا سفانة قراكا ... فسوف أنبي سائلي ثناكا
فقال بعضهم: ما لك تنادي رمة باتوا مكانهم فقام صاحب القول من نومه مذعوراً فقال: يا قوم عليكم مطاياكم فإن حاتماً أتاني فأنشدني:
أبا الخيبري وأنت امرؤ ... ظلوم العشرة شتامها
فماذا أردت إلى رمة ... بدؤيّة صخبت هامها
تبغي أذاها وإعسارها ... وحولك طيّ وإنعامها
وإنا لننعم أضيافنا ... من الكوم بالسيف نعتامها
وقيل في المثل: هو أجود من كعب بن إمامة وكان من إياد وبلغ من جوده أنه خرج في ركب فيهم رجل من بني النمر بن قاسط في شهر ناجر