وألجأهم العطش فظلوا فتصافتوا ماءهم فجعل النميري يشرب نصيبه فإذا أراد كعب أن يشرب نصيبه قال: آثر أخاك النمري فيؤثره حتى أضر به العطش فلما رأى ذلك استحث ناقته وبادر حتى رفعت أعلام الماء وقيل له: رد كعب فإنك وارد فمات قبل أن يرد ونجا رفيقه. ومن قول أبي تمام:
هو البحر من أي النواحي أتيته ... فلجته المعروف والجود ساحله
كريم إذا ما جئت للعرف طالباً ... حباك بما تحوي عليه أنامله
فلو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فلتّق الله سائله
وللبحتري:
لو أن كفك لم تجد لمؤمل ... لكفاه عاجل وجهك المتهلل
ولو أن مجدك لم يكن متقادماً ... أغناك آخر سؤدد عن أول
ولبكر بن النطاح في أبي دلف:
بطل بصدر حسامه وسنانه ... أجلان من صدر ومن أبراد
ورث المكارم وابتناها قاسم ... بصفائح واسنة وجياد
يا عصمة العرب التي لو لم تكن ... حياً إذا كانت بغير عماد
إن العيون إذا رأتك بعزمه ... فتحت منه مواضع الأسداد
وكأن رمحك منقع في عصفر ... وكان سيفك سل من فرصاد «1»
لو صال من غضب أبو دلف على ... بيض السيوف لذبن في الأغماد
أورى ونور للعداوة والهوى ... نارين: نار دم ونار زناد
قال أبو هفان «2» : انتشرت هذه الأبيات [حتى انتهت إلى] عبد العزيز بن أبي دلف بسر من رأى فقال: هل سمعت بمثل هذه الأبيات؟ قلت: لا،