فيضرك» . وقيل: «أمران لا ينفكان من كذب: كثرة المواعيد، وشدة الاعتذار» . وقيل: «كفاك موبخاً على الكذب، علمك بأنك كاذب» .
وقال رجل لأبي حنيفة: «ما كذبت قط» ، قال: «أما هذه فواحدة» .
وفي المثل: «هو أكذب من أخيذ السند» ، وذلك أنه يؤخذ الخسيس منهم، فيزعهم أنه ابن الملك. وكذلك يقال: «أكذب من سياح خراسان» ، لأنهم يجتازون في كل بلد، ويكذبون للسؤال والمنسألة.
ويقال: «هو أكذب من الشيخ الغريب» ، وذلك أنه يتزوج في الغربة، وهو ابن سبعين سنة، فيزعم أنه ابن أربعين، ويقال: «هو أكذب من مسيلمة» وبه يضرب المثل. ومما قيل في ذلك من الشعر:
حس الكذوب من البلية ... بعض ما يحكى عليه
ما إن سمعت بكذبة ... من غيره نسبت إليه
وقال آخر:
لقد أخلفتني وحلفت حتى ... إخالك قد كذبت وإن صدقتا
ألا لا تحلفن على كلام ... فأكذب ما تكون إذا حلفتا
وقال آخر:
قد كنت أنجر دهراً ما وعدت إلى ... أن أتلف الوعد ما جمعت من نشب
فإن أك صرت في وعدي أخا كذب ... فنصرة الصدق أفضت بي إلى الكذب
قال الأصمعي: قال الخليل بن سهل: «يا أبا سعيد أعلمت أن طول رمح رستم كان سبعين ذراعاً من حديد مصمت، في غلظ الراقود» «1» ، فقلت: «ههنا إعرابي له معرفة، فاذهب بنا إليه فحدثه بهذا» . فذهبت به إلى الأعرابي فحدثه، فقال الأعرابي: «قد سمعت بذلك، وبلغنا أن رستم هذا كان هو واسفنديار أتيا لقمان بن عاد بالبادية، فوجداه نائماً، ورأسه في حجر أمه، فقالت لهما: ما شأنكما، فقال: «بلغنا شدة هذا الرجل فأتيناه»