والسرقة وشرب الخمر والكذب فأيهن أحببت تركته» . قال: «دع الكذب» ، فمضى الرجل فهم بالزنا، فقال: «يسألني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن جحدت، نقضت ما جعلته له، وإن أقررت حددت» ، فلم يزن. فهم بالسرقة وشرب الخمر، ففكر في ذلك فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:
«قد تركتهن أجمع» . فأما من رخص له في الكذب، فيروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: «لا يصلح الكذب إلا في ثلاث: كذب الرجل لأهله ليرضيها وكذب في إصلاح ما بين الناس وكذب في حرب» . وروي عن المغيرة بن إبراهيم أنه قال: «لم يرخص لأحد في الكذب إلّا الحجاج بن علاط، فإنه لما فتحت خيبر قال: يا رسول الله: إن لي عند امرأة من قريش وديعة، فأذن لي يا رسول الله أن أكذب عليك كذبة لعلي أستل وديعتي، فرخص له في ذلك. فقدم مكة فأخبرهم أنه ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيراً في أيديهم يأتمرون فيه، فقائل يقول: يقتل، وقائل يقول: لا بل يبعث به إلى قومه فتكون منة، فجعل المشركون يتباشرون بذلك ويوئسون العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس يريهم التجمل، وأخذ الرجل وديعته فاستقبله العباس وقال:
«ويحك ما الذي أخبرت به» ؟ فأعلمه السبب، ثم أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فتح خيبر، ونكح صفية بنت حيي بن أخطب، وقتل زوجها وأباها، ثم قال: «أكتم علي اليوم وغداً حتى أمضي» ، ففعل ذلك، فلما مضى يومان أخبرهم العباس بالذي أخبره، فقالوا: «من أخبرك بهذا» ؟ قال: «من اخبركم بضده» .
وضده، قيل: وجد في بعض كتب الهند: «ليس لكذوب مروءة، ولا لضجور رياسة، ولا لملول وفاء، ولا لبخيل صديق» . وقال قتيبة بن مسلم «1» : «لا تطلبن الحوائج من كذوب، فإنه يقربها وإن كانت بعيدة، ويبعدها إن كانت قريبة؛ ولا إلى رجل قد جعل المسألة مأكلة، فإنه يقدم حاجته قبلها، ويجعل حاجتك وقاية لها؛ ولا إلى أحمق فإنه يريد نفعك