قال بعض الحكماء: «عليك بالصدق فما السيف القاطع في كف الرجل الشجاع بأعز من الصدق؛ والصدق عز وإن كان فيه ما تكره، والكذب ذل وإن كان فيه ما تحب؛ ومن عرف بالكذب اتهم في الصدق» . وقيل:
«الصدق ميزان الله الذي يدور عليه العدل، والكذب مكيال الشيطان الذي يدور عليه الجور» . وقال ابن السماك: «ما أحسبني أوجر على ترك الكذب لأني أتركه أنفة» . وقال آخر: «لو لم يترك العاقل الكذب إلا مروءة لكان بذلك حقيقا، فكيف وفيه المأثم والعار» ؟ وقال الشعبي: «عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك، واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك» . وقال بعضهم: «الصدق عز والكذب خضوع» . ومدح قوم بالصدق، منهم أبو ذر رضي الله عنه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء، ولا طلعت الشمس على ذي لهجة أصدق من أبي ذر» . ومنهم العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فإنه روى أنه أطلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده جبريل، فقال له جبريل: «هذا عمك العباس» قال: «نعم» ، قال: «إن الله تعالى يأمرك أن تقرأ عليه السلام، وتعلمه أن اسمه عند الله «الصادق» ، وإن له شفاعة يوم القيامة» . فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فتبسم فقال: «إن شئت أخبرتك مما به تبسمت، وإن شئت أن تقول فقل» ، فقال: «بل تعلمني يا رسول الله» ، فقال: «لأنك لم تحلف يميناً في جاهلية ولا إسلام برة ولا فاجرة، ولم تقل لسائل: لا» ، قال:
«والذي بعثك بالحق نبياً، ما تبسمت إلا لذلك» .
ويروى أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني أستسر بخلال: الزنا