وقال غيره:
احفظ لسانك لا تقول فتبتلي ... إن البلاء موكل بالمنطق
وقال غيره:
لعمرك ما شيء علمت مكانه ... أحق بسجن من لسان مذلل
على فيك مما ليس يعنيك قوله ... بقفل شديد حيث ما كنت فاقفل
قيل: تكلم أربعة من الملوك بأربع كلمات كأنما رميت عن قوس واحد: قال كسرى: «أنا على رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت» ، وقال ملك الهند: «إذا تكلمت بكلمة ملكتني، وإن كنت أملكها» ؛ وقال قيصر: «لا أندم على ما لم أقل، وقد ندمت على ما قلت» ، وقال ملك الصين: «عاقبة ما قد جرى به القول أشد من الندم على ترك القول» .
وقال بعضهم: «من حصافة الإنسان أن يكون الاستماع أحب إليه من النطق، إذا وجد من يكفيه، فإنه لن يعدم الصمت. والاستماع سلامة، وزيادة في العلم» ، وقال بعض الحكماء: «من قدر على أن يقول فيحسن، فإنه قادر على أن يصمت فيحسن» . وقال بعضهم: كان ابن عبيدة الريحاني المتكلم الفصيح صاحب التصانيف يقول: «الصمت أمان من تحريف اللفظ، وعصمة من زيغ المنطق، وسلامة من فضول القول» . وقال أبو عبيد الله كاتب المهدي: «كن على التماس الحظ بالسكوت أحرص منك على التماسه بالكلام» . وكان يقال: «من سكت فسلم كان كمن قال فغنم» .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يكره الانبعاق في الكلام. ويرحم الله امرأ اوجز في كلامه، واقتصر على حاجته» . قيل: وكلم رجل سقراط «1» عند قتله بكلام أطاله، فقال: «أنساني أول كلامك طول عهده، وفارق آخره فهمي لتفاوته» . ولما قدم ليقتل بكت امرأته فقال لها: «ما يبكيك» ؟