قالت: «تقتل ظلماً» قال: «وكنت تحبين أن أقتل حقاً أو أقتل ظلماً» .
وشتم رجل المهلب، فلم يجبه فقيل له: «حلمت عنه» ، فقال: «ما أعرف مساويه، وكرهت أن أبهته بما ليس فيه» . وقال سلمة بن القاسم عن الزبير قال: حملت إلى المتوكل وأدخلت عليه فقال: «يا أبا عبد الله الزم أبا عبد الله- يعني المعتز- حتى تعلمه من فقه المدنيين» ، فأدخلت حجرة، فإذا أنا بالمعتز قد أتى، في رجله نعل من ذهب، وقد عثر به، فسال دمه، فجعل يغسل الدم، ويقول:
يصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته من فيه ترمي برأسه ... وعثرته بالرجل تبرا على مهل
فقلت في نفسي: «ضممت إلى من أريد أن أتعلم منه» .
وضده، سئل بعض الحكماء عن المنطق فقال: «إنك تمدح الصمت بالمنطق ولا تمدح المنطق بالصمت، وما عبر به عن شيء فهو أفضل منه» .
وسئل آخر عنهما فقال: «أخزى الله المساكتة ما أفسدها للسان، وأجلبها للعي، وو الله للمهاراة في استخراج حق أهدم للعي من النار في يابس العرفج» . فقيل له: «قد عرفت ما في المماراة من الذم» . فقال: «ما فيها أقل ضرراً من السكتة التي تورث عللاً، وتولد داء أيسره العي» . وقال بعض الحكماء: «اللسان عضو فإن مرنته مرن، وإن تركته حرن، وممن أفرط في قوله فاستقيل بالحلم، ما حكي عن شهرام المروزي، فإنه جرى بينه وبين أبي مسلم «1» صاحب الدولة كلام، فما زال أبو مسلم يحاوره إلى أن قال له شهرام: «يا لقطة» - فصمت أبو مسلم، وندم شهرام على ما سبق به لسانه، وأقبل معتذراً خاضعاً ومتنصلاً؛ فلما رأى ذلك أبو مسلم، قال: