فاعتنقت الحبل، فلما كدت أن أتناول يدها، قضي أن تهور ما تحت قدميها، فإذا أنا، وهي، والكلب في قرارة البئر؛ بئر أيما بئر؟ إنما هي حفرة لا طي لها، ولا مرقاة، كأشد بلية بنا عضاً: الكلب ينبح من ناحية، وهي تدعي بالويل والثبور من ناحية، وأنا منقبع قد برد جلدي على القتل من ناحية.

فلما أصبحت أمها، فقدتها، فلما لم ترها، أتت أباها، فقالت: «يا شيخ، أتعلم أن ابنتك ليس لها أثر يحس» ؟ وكأن ابوها عالماً بالآثار، فلما وقف على شفير البئر، ولى راجعاً، فقال لولده: «يا بني! أتعلمون أن أختكم وضيفكم وكلبكم في البئر» ؟ فبادروا كالسباع، فمن بين آخذٍ حجراً، وآخذٍ سيفاً أو عصاً، وهم يومئذ يريدون أن يجعلوا البئر قبري وقبرها؛ فلما وقفوا على شفير البئر، قال أبوهم: «إن قتلتم هذا الرجل، طولبتم بدمه، وإن تركتموه افتضحتم. وقد رأيت أن أزوجها إياه، فو الله ما يقدح لها في نسب ولا في حسب» . ثم قال لي: «أفيك خير» ؟ فلما شممت روح الحياة، وثاب إلي عقلي، قلت: «وهل الخير كله إلا في؟ فهات أحتكم» . فقال: «مائة بكرة وبكرة، وجارية وعبد» ، فقلت: «لك ذلك، وإن شئت فازدد» .

فأخرجت أولاً، والكلب ثانياً، وأخرجت ثالثاً، فأتيت أبي، فقال:

«لا أفلحت، فأين البعير» ؟ قلت: «أربع عليك، أيها الشيخ، فإنه كان من القصة كيت وكيت» قال: «أفعل، والله، ولا أخذلك» . فدعا بالإبل، فعد منها مائة بكرة وبكرة، وسقناها مع جارية وعبد وأخذت منه هذه غرة نفسها.

قال: «والله كذلك، وجعلت تصدف عن حديث زوجها صدوف المهرة العربية سمعت لجامها، وربما قالت: «لا أطاب الله خبرك» .

وضده، قال: وقيل لخراش الأعرابي: حدثنا ببعض هناتك. قال خرجت في بغاء ذود لي، فدفعت في عشية شاتية إلى أخبية كثيرة، فضافوا وحيوا ورحبوا، فلما أدرت النوم، أقاموا فتاة لهم من موضع مبيتها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015