وجعلوني مكانها لئلاً أتأذى بالغنم.

وإني لمضطجع، إذا أنا بيد إنسان يجامشني، ويريد في الظلمة مؤاتاتي؛ فقعدت، فإذا أنا برجل يمد يده، ومعه علبة فيها أرنب مشوية، فأخذتها وجعلتها في شيء كان معي. ثم مد يده ثانياً، فناولته يدي، فأقتبضني على غرمول كمثل الوتد، فلم أنفر منه، ولم أره وحشة؛ وجررت ما عندي، وتناولت يده، فأقبضته على مثل ما أقبضني عليه، ففطن، ورمى بملحفة خز كانت عليه، ووثب مذعوراً، فنفرت الإبل، وهاجت الغنم، وكدت أغشى لما بي من الضحك، وأخفيت ما بي وكتمته.

فلما أصبحت، ركبت راحلتي، ومعي الملحفة والأرنب. امتد الضحى، إذا أنا بإبل فأخذت نحوها، فإذا شابٌ حسن الهيئة؛ فسلمت عليه، فرد السلام ثم قال: «إن كان معك ما نأكل مصب من هذا الوطب» .

فأخرجت العلبة، فلما رآها عرفها، وقال:

«إنك هو» ؟ قلت: «وما هو» ؟ قال: «صاحب البارحة» ؟ قلت:

«نعم، إن كنت إياه» قال: «الحمد لله الذي أتى بك، لو لم تأت لظننت أني أوسوس وذلك أني لصاحبة الستر عاشق؛ وتعلم ما فعلت وما فعلت البارحة، ولا تطيّق حتى ابتلاني الله بك البارحة، وجعلت أقول حين أقبضتني عليه: أتراها تحولت رجلاً؟ وإني لفي شك من أمري حتى أتاني الله بك» . فأكلت أنا وهو، الأرنب، وشربنا من اللبن، وصرنا أصدقاء.

قال الأصمعي: أتى خالد بن عبد الله أعرابي، فأضافه وأحسن إليه وبذل له صحن الدار؛ فلما كان في بعض الليل، اشرف عليه يتعاهد منه ما كان يتعاهد من ضيفه، فإذا هو قد دب على جارية، وهو على بطنها، فأعرض عنه؛ فما لبث الإعرابي أن فرغ وقام يمسح فيشلته، فضربته عقرب، فصاح واستغاث، وأشرف خالد عليه وهو يقول:

وداري إذا نام سكانها ... تقيم الحدود بها العقرب

إذا غفل الناس عن دينهم ... فإن عقاربنا تغضب!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015