ما تكحل العين بالرقاد ولا ... ينام جنبي في الليل مضطجعا

لا عيش لي مذ نأت ولا وجدت ... عيناي في الأرض قط متسعا

قلت لها: «أفلا تحدثينني كيف سليت عنه، وابتلى» ؟ قالت:

«كيف لا أحدثك» ؟ افتصدت «تفاحة» ، جارية محمد بن سليمان، فدعينا إلى خورنق لمحمد بن سليمان، فلما طعمنا، دعت لنا بالشراب، فبينا نحن كذلك، إذا بحراقة سلطانية قد وردت، وفيها عدة من أبناء الملوك، وفيهم هذا العيار، ولا علم لي بمكانه، وكنت حملت العود وغنيت:

أبلى فؤادي وشفني الأرق ... والدمع من مقلتي يستبق

من حب ظبيٍ أغن ذي دعجٍ ... وقلبه للشفاء منطبق

فلما وجبت العتمة انصرفنا، وأبطأت الجارية، وأتاني هؤلاء القوم من عنده يسلون سخيمتي، ويستعطفونني عليه.

ثم انصرفت عنها، يا أمير المؤمنين، ودخلت الحمام من ساعتي، فما كان إلّا أن دخلت، حتى أتاني غلامي، فقال: «جماعة من جلة الناس قد طرقوا دارك يطلبونك» . فلبست ثيابي، وخرجت مسرعاً، فإذا بضمرة قد كبس داري في عدة من الرؤساء، فقال: «والله لا برحنا، حتى تنفق علينا الخمسمائة دينار التي أخذتها من الجارية، سيدتي» . قلت: «أي والله، بالسمع والطاعة» .

ثم جذبني إلى نفسه، فلم يزل يناظرني في أمرها حتى أقبل المساء، ثم انصرف إلى رحله. فلما كان من الغد، وردت له رقعة مع خادم، وكيس فيه الف دينار، واستزارني، فقبلت ذلك، وصرت معه إليه. فلما نظر إلي، تنحى عن مقعده، وأقعدني، ثم قال: «هذا قد أعددته، للنيروز، لسيدتي هدية، وأنت أولى من تجشم مع الخادم إليها» . قلت: «السمع والطاعة» . ثم صاح في الدار: «هاتوا الهدية» . فإذا مائة تخت من ثياب، وصندوق من ذهب مقفل عليه، فقال لي: «في التخت والصندوق مبلغ ثلاثين ألف دينار، وأنت أولى من تفضل بالإيصال» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015