زان المجلس، وفاق من فيه حسناً وجمالاً، قد رفعه الأمير فوقه، فسألت عنه، فقيل: «ضمرة بن المغيرة» ، فقلت في نفسي: «بالحقيقة حل بالمسكينة ما حل، هو، والله، قاتلها فيما أرى» . ثم قمت فقصدت المربد، ووقفت على باب داره، فإذا هو قد ورد في موكب جليل، فوثبت إليه، وبالغت في الدعاء والثناء؛ ثم دنوت منه، وفاوضته في الذي بيني وبينها، وناولته الرقعة، فلما قرأها ضحك، ثم قال: «يا شيخ قد استبدلنا بها، فهل لك في أن تنظر إلى البديل» ؟ قلت: «نعم» . فصاح في الدار:

«يا جواري، أخرجن إلينا لذيذاً» . فما كان إلا أن طلعت جارية وضيئة الكمين، ناهدة الثديين، تمشي مشية مستوحل، ترتج من دقة خصرها على كبر عجزها ذات فخذين وعجيزتين تختطفان الأنفس اختطافاً، على رأسها بطيخة من الكافور، مكتوب علي جبينها:

آه «1» من الحب آه ... ما أقتل الحب وأضناه

ودون ذلك مكتوب:

عيارةٌ قياسةٌ في الخطى ... رخيمة الدل، صيودٌ للرجال

وقد كتبت بالغالية على عصابتها ثلاث أسطر، وهي:

إذا غضبت رأيت الناس قتلى ... وإن رضيت فأرواحٌ تعود

لها في عينها لحظات سحرٍ، ... تميت بها، وتحيي من تريد

وتسبي العالمين بمقلتيها ... فكل العالمين لها عبيد!!

فناولها الرقعة، وقال: «اقرئي وأجيبي صاحبتك» . فلما قرأت الرقعة، اصفرت، وعرقت، ومزقتها، وضربت بها في وجه الغلام، وغابت في الستر. فقال لي: «أما أنت، يا شيخ، فاستغفر الله مما مشيت فيه» .

قلت: «بل أنت استغفر الله من هجرانك إياها، وتركك إتيانها. والله ما أرى لها في البشر نظيراً» . قال: «لا أفعل، ولو أنها في حسن يوسف وكمال حواء» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015