بخلخالي؛ فلما نظر إلينا، اشمأز لذلك، وصدف عني وعنها صدوف المهرة العربية إذا سمعت صلاصل اللجم، وعض على أنامله، وولى خارجاً.
فأنا، يا شيخ، منذ ثلاث سنين، اسل سخيمته، وأستعطفه فلا ينظر إلي بعين، ولا يكتب إلى بحرف، ولا يكلم لي رسولاً.
قلت لها: «يا هذه، أفمن العرب هو أم من العجم» ؟ قالت: «هو من جلة ملوك البصرة» . قلت: «من أولاد نيابها أو من أولاد تجارها» .
قالت: «من عظيم ملوكها» . قلت لها: «أشيخ هو أم شاب» ؟ فنظرت إلي شزراً وقالت: «إنك لأحمق. أقول: هو مثل القمر ليلة البدر، أمرد أجرد، وطرة رقعاء كحنك الغراب، تعلوه شقرة في بياض، عطر لباس، ضارب بالسيف، طاعن بالرمح، لاعب بالنرد والشطرنج، ضارب بالعود والطنبور، يغني وينقر على أعدل وزن، لا يعيبه شيء إلا انحرافه عني، لا نقصاً لي منه بل حقداً لما رآني عليه» . قلت: «يا هذه، وكيف صبرك عنه» ؟ فأنشأت تقول:
أما النهار، فمستهامٌ والهٌ ... وجفون عيني ساجفاتٌ تدمع
والليل، قد أرعى النجوم مفكراً ... حتى الصباح، ومقلتي لا تهجع
كيف اصطباري عن غزالٍ شادن ... في لحظ عينيه سهامٌ تصدع
وجهٌ يضيء، وحاجبان تقوسا ... وكأن جبهته سراجٌ يلمع
وبياض وجهٍ قد أشيب بحمرة ... في وجنتيه كأنه مستجمع
والقد منه كالقضيب إذا زها ... والغصن في قنوائه يترعرع
تمت خلائقه، وأكمل حسنه ... كمثال بدرٍ، بعد عشرٍ، أربع
قلت لها: «يا سيدتي، ما اسمه، وأين يكون» ؟ قالت: «تصنع به ماذا» ؟ قلت: «أجهد في لقائه، وأتعرف الفضل بينكما في الحال» ، قالت: «على شريطة» قلت: «وما هي» ؟ قالت: «تلقانا إذا لقيته، وتحمل لنا إليه رقعة» . قلت: «لا أكره ذاك» . قالت: «هو ضمرة بن المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة، يكنى بأبي شجاع، وقصره في المربد