سيدتي، فما وقوفك في الدهليز» ؟ قالت: «هو طريقه، وهذا أوان اجتيازه» . قلت لها: «يا سيدتي، هل اجتمعتما في خلوة في وقت من الأوقات، أم حب مستحدث» ! فتنفست الصعداء، وأرخت دموعها على خديها كطل على ورد، وأنشأت تقول:
وكنا كغصني بانةٍ وسط وردةٍ ... نشم جنى اللذات في عيشةٍ رغد
فأفرد هذا الغصن من ذاك قاطعٌ ... فيا من رأى فرداً يحن إلى فرد
قلت لها: «يا هذه، ما بلغ من عشقك هذا الفتى» ؟ قالت: «أرى الشمس على حائطهم أحسن منها على حائط غيرهم؛ وربما أراه بغتة، فأبهت وتهرب الروح عن جسدي، وأبقى الأسبوع والأسبوعين بغير عقل» ؛ قلت لها: «عزيز علي، وأنت على ما بك من الضنى وشغل القلب بالهوى، وانحلال الجسم وضعف القوى، ما أرى من صفاء اللون، ورقة البشر، فكيف لو لم يكن بك من الهوى شيء، أراك كنت مفتنة في أرض البصرة» .
قالت: «كنت، والله، يا شيخ، قبل محبتي لهذا الغلام، تحفه الدلال والجمال والكمال، ولقد فتنت جميع ملوك البصرة، وفتنني هذا الغلام» .
فقلت: «يا هذه، ما الذي فرق بينكما» قالت: «نوائب الدهر، وأوابد الحدثان، ولحديثي وحديثه شأنٌ من الشان، وأنبيك أمري:
إني كنت أفصدت، في بعض أيام النيروز، فأمرت، فزين لي وله مجلس بأنواع الفرش، وأواني الذهب؛ ونضدنا الرياحين والشقائق والمنثور وأنواع البهار، وكنت دعوت لحبيبي عدة من متظرفات البصرة، فيهن من الجواري، جارية «شهران» ، وكان شراؤها عليه من مدينة عمان ثمانمائة ألف درهم؛ وكانت الجارية ولعت بي، وكانت أول من أجابت الدعوة، وجاءتني منهن؛ فلما حصلت عندي، رمت بنفسها علي، تقطعني عضاً وقرصاً. ثم خلونا نتمزز القهوة إلى أن يدرك طعامنا، ويجتمع من دعونا، فتارة هي فوقي، وتارةً أنا فوقها، فحلمها السكر على أن ضربت يدها على تكتي فحلتها، ونزعت هي سراويلها، وصارت بين فخذي كمصير الرجال من النساء. فبينا نحن كذلك، إذ دخل علي حبيبي، وقد التزق قرطي